الثورة أون لاين – سامر البوظة :
لم تنتظر بريطانيا موعد خروجها النهائي من الاتحاد الأوروبي، حتى تكشف مدى تجذر نزعتها العدوانية الموروثة من عهدها الاستعماري، وحلفاؤها وشركاؤها الأوروبيون، لن يكونوا بمنأى عن تهديداتها العسكرية مستقبلا، بمجرد انفكاكها بعد “بريكست”، فبعد سلسلة المطبات التي تعرقل الوصول إلى اتفاق نهائي وصيغة تؤطر العلاقة بين لندن وبركسل لمرحلة ما بعد بريكست, يبدو أن الحكومة البريطانية باتت تفاوض الأوروبيين بلغة النار والحديد، وهذا قد يقود مستقبلا إلى توسيع رقعة الشرخ في العلاقات بين الدول الأوروبية، وربما تعجل من انهيار الاتحاد الأوروبي لاحقا.
وعلى وقع الخلافات المتصاعدة بشأن مرحلة ما بعد “بريكست”، أظهرت بريطانيا موقفا جديدا، يعكس توجهات سياساتها القادمة تجاه شركائها الأوروبيين، في محاكاة واضحة لسياسة الغطرسة التي انتهجتها إدارة ترامب، حيث هددت لندن دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا عسكريا بمنع الصيد في مياهها في حال عدم الاتفاق، وهذا التهديد يشي بالكثير من المتغيرات التي قد تطرأ على السياسة البريطانية لجهة التعامل مع محيطها الأوروبي.
وزارة الحرب البريطانية وفي هذا الإطار هددت بوضع 14 ألف عسكري إضافي، ليكونوا على أهبة الاستعداد لمنع صيادي الاتحاد الأوروبي من دخول مياه الصيد البريطانية في حال عدم الاتفاق مع الاتحاد، ويأتي هذا التهديد بعد أن وصلت التوترات بين لندن والاتحاد إلى نقطة الغليان، في ظل عدم تمكن الطرفين من التوصل إلى اتفاق حول مناطق الصيد لغاية الآن، بحسب موقع” express.co”.
وفي هذا الصدد قال بول ماكنمارا، مراسل القناة الرابعة البريطانية، نقلا عن مصادر مطلعة: “الجيش جاهز ليوم الأول من كانون الثاني.. أخبرتني وزارة الدفاع أن 14000 عسكري إضافي في وضع الاستعداد، و4 سفن حربية بحرية تقوم بدوريات في مياه المملكة المتحدة”.
وخلال المفاوضات مع بريطانيا، كانت فرنسا هي الأكثر صراحة في مخاوفها بشأن التنازلات النهائية، كما أثارت دول مثل بلجيكا وهولندا والدنمارك مخاوفها، وقد عارضت باريس بشدة خطط بريطانيا لاستعادة السيطرة على مياه الصيد.
وبموجب سياسة مصايد الأسماك المشاعة (سي. إف. بي) المثيرة للجدل، يتم منح جميع الدول الأعضاء حق الوصول إلى مياه الاتحاد الأوروبي عبر الحصص, إلا أنه ونظرا لأن المملكة المتحدة لديها منطقة ساحلية كبيرة، فقد انتقد كثيرون هذا الأمر واعتبروه غير عادل.
وأمام المفاوضين فرصة ضئيلة للخروج من المأزق بشأن ترتيبات ما بعد “بريكست”، التي من شأنها أن تضمن دخول بريطانيا إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي دون تعريفة جمركية، على الرغم من أن المحادثات، قد تستمر إذا لم يتمكنوا من التوصل لاتفاق بحلول الموعد النهائي.
وكان المفاوضون التقوا أمس السبت في بروكسل ، وقال مصدر بالحكومة البريطانية إنهم سيواصلون العمل طوال الليل, لكن المفاوضات كانت صعبة للغاية، وفي ظل الوضع الحالي يظل العرض المطروح على الطاولة من الاتحاد الأوروبي “غير مقبول”.