الثورة أون لاين – ناصر منذر:
تمسك أهلنا في الجولان المحتل بأرضهم وهويتهم واقع يثبته تصديهم المستمر لإجراءات وقوانين الاحتلال الباطلة، ورفضهم الدائم لقرار الضم المشؤوم الذي أصدرته حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الرابع عشر من كانون الأول في عام 1981، وتصادف ذكراه التاسعة والثلاثين اليوم، لم يتأثر بأعمال الترهيب المتواصلة التي تمارسها قوات الاحتلال بحقهم، من حملات اعتقال وتنكيل ممنهجة، لإجبارهم على التعايش مع الاحتلال كأمر واقع يسعى هذا الكيان الغاصب لتكريسه، مستغلا الأوضاع الراهنة التي تمر فيها سورية جراء الحرب الإرهابية، والذي يشكل هذا الكيان رأس الحربة فيها، كما يراهن بشكل دائم على الدعم الأميركي اللا محدود لتنفيذ مشروعه التوسعي الاحتلالي.
فمقاومة أهلنا في الجولان المحتل لم تستكن يوما، وهي تتنامى بشكل مطرد، وقد أعلنوا في أكثر من مناسبة ووثيقة وطنية موقفهم الثابت بأن قرار الضم باطل ولا يساوي الحبر الذي كتب فيه ولن يثنيهم عن مقاومة الاحتلال، مؤكدين على الدوام أن الجولان المحتل هو جزء لا يتجزأ من أرض سورية، وبأن الهوية السورية صفة ملازمة لهم لا تزول، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء وأن أرضهم هي ملكية مقدسة لا يجوز التنازل أو التخلي عن شبر منها للمحتلين، وبأنهم لن يعترفوا على الإطلاق بأي قرارات تصدرها سلطات الاحتلال الهادفة إلى سلبهم شخصيتهم العربية السورية، وتمسكهم بالوثيقة الوطنية الصادرة عن جماهير الجولان السوري المحتل ورفضهم حتى اليوم الهوية الإسرائيلية وكل محاولات المحتل لفرضها عليهم، خير برهان على المقاومة المتجذرة في نفوسهم، والمتوارثة عن الآباء والأجداد.
قرار الضم المشؤوم الذي قوبل برفض دولي واسع، عكسه قرار مجلس الأمن رقم 497 الصادر في 17 كانون الأول عام 1981 الذي يعتبر أن قرار الاحتلال بفرض القوانين والولاية القضائية وإدارة الجولان السوري المحتل لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي، واجهه أيضا أهلنا الصامدين هناك عبر الإعلان في الرابع عشر من شباط عام 1982 عن إضراب وطني استمر ستة أشهر ما أدى إلى شلل كامل في مختلف مناطق الجولان المحتل إضافة إلى خروج مظاهرات عارمة في مختلف قرى الجولان للتعبير عن الرفض القاطع لهذا القرار العنصري وهو الأمر الذي ردت عليه قوات الاحتلال بحملات قمع ومداهمات واعتقالات طالت العشرات من أبناء هذه القرى ولتتواصل مقاومة أهلنا في الجولان بما يثبت فشل قرار سلطات الاحتلال واستحالة تطبيقه على الأرض.
وفي الذكرى التاسعة والثلاثين لقرار الضم المشؤوم، الذي كشف بكل وضوح عن الأطماع الصهيونية في الجولان السوري والذي لطالما شكل هاجسا ومطمعا بالنسبة لمتزعمي هذا الكيان الغاصب نظرا لموقعه الاستراتيجي المهم، وما يختزنه من ثروات مائية وحراجية وكنوز سياحية طبيعية، يجد المحتل الصهيوني نفسه محاصرا بالمقاومة الشعبية الفذة التي يبديها أهالي الجولان بوجه مخططات وإجراءات المحتل، وأخرها الانتفاضة الشعبية خلال الأسبوع الماضي ضد مشروع “التوربينات” الاستيطاني، وقبلها انتفاضتهم بوجه ممارسات الاحتلال بعد إفشال إجراء انتخابات “المجالس المحلية” غير الشرعية في الجولان المحتل التي دعت إليها سلطات الاحتلال، ورفضهم السياسات الاستيطانية العدوانية الرامية للضغط عليهم لإجبارهم على تسجيل أراضيهم المملوكة عن آبائهم وأجدادهم لدى دائرة الملكية التابعة لكيان الاحتلال ومسح الأراضي الزراعية بهدف وضع اليد عليها.
سورية تؤكد على الدوام بأن حقها باسترجاع كامل الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 غير قابل للتصرف وغير خاضع للتقادم، وعلى كيان الاحتلال الإسرائيلي وداعميه بأن يعوا أن سياساتهم ستسقط أمام صمود أبناء الجولان الذين حافظوا طيلة 53 عاماً تحت الاحتلال على هويتهم وجنسيتهم العربية السورية، وكما سبق لهم إسقاط قرار الضم ومحاولة فرض هوية المحتل، وإفشال ما يسمى انتخابات المجالس المحلية الإسرائيلية فإنهم سيسقطون اليوم كل المحاولات الصهيونية والأميركية الرامية لشرعنة الاحتلال الصهيوني للجولان المحتل، وفرضه كأمر واقع، فالجولان سيعود إلى حضن الوطن عاجلا وليس آجلا.