يكفي أن تخرب الدول الاستعمارية الفكر الأصيل الذي يعبر عن طبيعة مجتمعاتنا لكي تدمرها، بهذه الرؤية أوجز السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته الأخيرة بجامع العثمان قصة التدمير الحاصلة في منطقتنا، بل وفي العالم كله، وخصوصاً في العقد الأخير الذي شهد أعنف حملات غربية تدميرية بحق شعوب المعمورة.
وهذه القوى الاستعمارية فصّلت أجنداتها التخريبية بكل إتقان، وأنشأت لها مراكز البحوث الإستراتيجية والمعاهد الأكاديمية والجامعات، والمحطات الفضائية المشبوهة، بل والإمبراطوريات الإعلامية الكبرى، وجندت لها ملايين العناصر والأدوات، ورصدت لها آلاف المليارات من الدولارات حتى تنجح في مهمتها القذرة.
وكل هذه الوسائل التي جندتها كانت من أجل التدمير السريع في غير مكان من هذا العالم، ومن دون حروب، ومن دون إطلاق رصاص، ومن دون حشد بوارج وحاملات طائرات، مع أنها لم تتخل عن البوارج والطائرات وكل هذه الوسائل العسكرية التدميرية يوماً، فاستخدمتها في أمكنة أخرى من منطقتنا والعالم، ولوحت باستخدامها كوسائل ردع في غير مناسبة عبر هذا الزمن الممتد منذ عقود وحتى يومنا، ولنا في قصف السوريين الأبرياء منذ عشر سنوات وحتى الآن وقتلهم بدم بارد خير مثال.
وحتى عامنا هذا حقق أعداؤنا الكثير، بسبب ما أنفقوا من مليارات، بل وتريليونات، ولكثرة ما حشدوا من وسائل وأدوات، وضربت أمواجهم العاتية في كل اتجاهات سفننا، فحاصروا الشعوب وجوعوها، وفتكوا بها وحاولوا “تغريب” أبنائها، وفعلوا المستحيل ل”قوننة” إرهابهم وشرعنته بشتى السبل والطرق، ولنا في إرهاب “قيصر” وبنوده التي تحرّم الدواء والغذاء على السوريين خير شاهد.
وضعوا مصالحهم الجشعة فوق كل اعتبار إنساني، ولكن ماذا فعلنا نحن؟ وكيف نحافظ على مجتمعاتنا وفكرنا وعقيدتنا؟ وأيضاً مصالحنا؟، وماذا نحن فاعلون اليوم وغداً؟!.
لنحصّن أنفسنا وأسرنا ومجتمعاتنا، لنبدأ بتحديد هوية عدونا وأهدافه وغاياته الدنيئة، ولنعرف كيف نرد على أجنداته ونحاصرها، لنفتح نوافذنا ولكن لن نسمح لريح عاتية أن تقتلعنا من جذورنا، لنتحمل المسؤولية، كل منا في مكان عمله، وفي ركن حياته، كي نحافظ على وجودنا وفكرنا وحضارتنا ومستقبل أجيالنا.
البقعة الساخنة- بقلم مدير التحرير أحمد حمادة