الثورة أون لاين – سهى درويش :
أسواق حلب القديمة حكاية تراث و عراقة وصمود فهي لاتزال تحتفظ بمهنها المتوارثة من الأجداد إلى الأحفاد لتبقى البصمات اليدوية حاضرة و مدموغة بعبق الفن والإبداع.
ومع إعلان تطهير مدينة حلب سارع أبناء الأسواق التراثية لإزالة ركام الحرب والعودة لمهنهم ومحالهم التي ضمت تاريخ عائلاتهم.
وسوق النحاسين من الأسواق الحلبية المتميزة بصناعة النحاسيات من الأواني المنزلية حتى التزيينية ، ويعتبر سوق النحاسين من أقدم الأسواق حيث يعود تاريخ بنائه إلى العام/ ١٥٣٩/ ويضم أكثر من مئتي محل، ويتميز بقربه من قلعة حلب ، وفي كل زاوية من هذا السوق حكاية عشق للمهنة، فرغم الدمار باشر أصحاب المحال بالترميم بجهودهم الخاصة.
وفي جولة ضمن السوق توقفنا مع العديد ممن كان يعمل هناك رغم ماشهدناه من آثار الدمار والتخريب حيث قال الحرفي محمد حسين نمرة صاحب محل لتصنيع التحف الشرقية والديكورات بأنه مع إعلان الانتصار لملم غبار الحرب من أمام محله ليعود لمزاولة مهنته ومنذ مغادرته المنطقة في عام ٢٠١٢ بقي بدون عمل وكله ثقة بأن النصر قريب وسيعود لعمله الذي يمارسه منذ ثلاثة وثلاثين عاما ، فكل قطعة يصنعها يشعر بها ، لافتاً إلى أن هذه النحاسيات لاتزال مرغوبة ومطلوبة وبصمات الأيادي الحلبية تحكي أصالة هذه المدينة ،فأي قطعة تمر بمراحل متعددة من نقش إلى تلميع وغيرها حتى نصل إلى الشكل النهائي.
وأضاف أن السوق بدأ بالإقلاع من جديد بعد غياب طويل، وعلى الرغم من تراجع الطلب قليلاً في السوق المحلي ، إلا أنه شهد ازدياداً في الطلب للسوق الخارجي.
أما أبو مصطفى الشاب الذي كان ينقش على النحاس أمام محله فحبه لعمله جعله يتحدث معنا وهو يعمل، فالنقش أصبح ممارسة يومية لا يستطيع التوقف عنه والذي تعلمه في صغره ومازال يمارسه حتى ضمن الدمار
وضمن شارع السوق يعمل الحرفي ناجي المبيض في حرفة تبييض النحاس بأدوات بسيطة على الرغم من كبر سنه فهذه المهنة قد وسمت عائلته بها و حبه لها جعله لايغادرها.
وأخيرا فالمتجول في سوق النحاسين على الأرصفة البازلتية المخربة بفعل الحرب وقلة العائدين إلا أن الإصرار على عودة المهنة والتمسك بها أعاد الروح للسوق .
تصوير : خالد صابوني
السابق