الثورة أون لاين:
من البيت، وعبر الشاشة، يمكن للزوار مشاهدة معرض عن قماش «الجينز» من تنظيم «مدينة العلوم» في باريس.
حيث يستمر المعرض الذي يقام افتراضياً، وفقا لتعليمات الوقاية من «كورونا»، حتى أواخر الشهر المقبل. وهو يستعرض تاريخ ذلك القماش الأزرق الخشن الذي كان لباساً عملياً للعمال في القرن التاسع عشر قبل أن يصبح موضة لا يتخلى عنها الشباب في القرن العشرين. كما يتابع المعرض آخر تطورات «الجينز» وتلوناته عبر العقود وحتى القرن الحالي، حيث التزم منتجوه بتصنيع نماذج طبيعية خالصة منه وتحترم البيئة.
«إنه القماش الأسطورة»، هذا ما يقوله دليل المعرض. فقد ترك «الجينز» بصمات كبرى على خطوط الموضة واتجاهاتها. وهو قد زحف من خزائن ثياب الشبيبة ليصبح مناسباً للجنسين من كل الأعمار. كما تسلل إلى أزياء السهرة والمناسبات، وصارت تصنع منه المعاطف والحقائب، ونزل إلى الأحذية، وانتشر حتى في تغليف الأرائك والكراسي.
وإذ يتابع الزائر الافتراضي المحطات المختلفة لهذا القماش من خلال صور قديمة وحديثة، لا بد أن تلفت انتباهه صورة بالأبيض والأسود للممثلة الأميركية مارلين مونرو، وهي ترتدي سروالاً من «الجينز» أثناء تصوير فيلم “اشتباك ليلي”.
تبدو «مدينة العلوم» الواقعة على حدود العاصمة الفرنسية، مكاناً غريباً لمعرض من هذا النوع يليق بأن يستضيفه متحف الموضة. لكن «الجينز» هو أيضاً قضية نجاح علمي وصناعي، كما تقول ميشيل أنطوان مديرة المعرض.
لا بد أن هناك من يود أن يعرف أسرار هذه الصناعة والعقول التي تقف وراء تسويقها وانتشارها شرقاً وغرباً. إن الخامات الطبيعية نادرة والتقليد كثير. وقد تدخل العلم لتطوير الخيوط النباتية والأنسجة وآلات الغزل والتفصيل والخياطة في مجال مطلوب بشدة.
حيث سعت «مدينة العلوم» لاجتذاب الشباب من خلال هذا المعرض عن «الجينز» الذي اعتمدوه زياً موحداً بكامل رضاهم، ودون أن يجبرهم على ارتدائه أحد،. إنه قماش يشكل سلطة في حد ذاته. ورغم أن السراويل المصنوعة منه تبدو متشابهة، فإن المصممين يجتهدون منذ قرنين من الزمان في ابتكار خطوط وقصات مبتكرة وجديدة. إنها سراويل عريضة حيناً، أو ضيقة، أو قصيرة، أو ثلاثة أرباع، تُطوى من حافاتها أو تترك مرسلة، تستقر عند الخصر، أو ترتفع فوق المعدة، أو تهبط إلى محيط الخاصرة، محتشمة أو ذوات شقوق وفوهات، تحافظ على الأزرق التقليدي، أو تميل لأنواع فاتحة «مغسولة» منه أو تهجره إلى صبغات خضراء ورمادية وسوداء وبيضاء ناصعة.
كل تلك الصرعات و«الجينز» يخضع ويلبي طائعاً. ولعل هذه المطواعية هي السر في استمراره جيلاً بعد جيل، وحفاظه على سمعة شبابية لا تنصرم. إنه زي الآباء مثلما هو زي الأحفاد والأجداد.