الثورة أون لاين – دينا الحمد
المسلّمات التي تمثل أخلاق مجتمعاتنا العربية الأصيلة خصوصاً، والشرقية عموماً، والتي تعبَّر عن قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ومفاهيمنا، تتعرض لحملة شرسة من قبل أعدائنا، ليس لحرفها عن بوصلتها الحقيقية وأهدافها الخيّرة فقط بل لطمسها من قاموس هذه المجتمعات نهائياً، ومحاولة ضربها بالصميم، وإيجاد مفاهيم غربية وغريبة تحل محلها، وتسعى لضرب النسيج الوطني والأخلاقي والاجتماعي والأسري لدينا برمته.
لكن السؤال الأهم اليوم هو : كيف السبيل للحفاظ على تلك المسلّمات المتمثلة بالقيم والتقاليد والأعراف الإيجابية التي كانت على مرِّ الزمن الحامل الأخلاقي والوطني لبنية مجتمعاتنا ؟ وكيف السبيل لحمايتها من الغزو الثقافي الغربي الذي يتبناه أعداء أمتنا، ويحاولون من خلال مفرداته الرنانة أن تفقد مجتمعاتنا قيمها وأخلاقها وبقية مسلّماتها من عقائد ورموز وعادات حسنة ، وانتماءات وطنية وقومية ؟!.
الإجابة الوافية عن هذا السؤال الهام كانت بالعمق في كلمة السيد الرئيس بشار الأسد في جامع العثمان مؤخراً، فقد أفرد لها سيادته حيزاً هاماً جداً، واستفاض في شرحها لأهميتها في كونها خط الدفاع الوطني الذي يحصن مجتمعنا من أصحاب أجندات الغزو الثقافي والفكري، الذين يهدفون إلى ضرب هذه المسلّمات، ونسف قيمنا ورموزنا وانتماءاتنا الوطنية والقومية.
فضرب هذه المسلّمات كما شرح الرئيس الأسد يلغي ثنائيات طبيعية موجودة لدينا وتخلق التوازن في مجتمعنا، حيث قدم أكثر من مثال على ذلك، فالدنيا بنيت على مفهومي الخير والشر وعندما نلغي هذه المسلَّمات “يصبح الكبير كالصغير ، والطالب كالمعلم ، والأبناء يحلون محل الوالدين يأخذون دورهم وتلغى الحدود بينهم ، وفي هذه النقطة بر الوالدين هو أحد أهم المفاهيم التي يجب أن نركز عليها في بناء الأسرة ، ويصبح الفاسد كالشريف ، ويصبح الظالم كالمظلوم”.
والقضية التي يبحث عنها أعداؤنا عندما يريدون نسف منظومة القيم والمبادئ والعادات والرموز والانتماءات الوطنية والقومية لدينا هي أن يصبح المعتدي في ذهن القاصي والداني، وفي أذهان أجيالنا أيضاً، كالمعتدى عليه، والغزاة والمحتلون كالمحتلة أرضهم، والعدو الصهيوني كأصحاب الحق والأرض، والغزاة الأميركيون والأتراك كأبناء الوطن، وهكذا دواليك، وقد وصف ذلك حرفياً بقوله : ” بدلاً من أن تكون هذه أرض مغتصبة من قبل العدو ونحن المالكون الحقيقيون تصبح هذه الأرض محل نزاع لأن الطرفين بالموقع نفسه وقد يكون كلا الطرفين صاحب حق، فكيف سيتم الحل في هذه الحالة؟ الطرف الثاني المعتدي المغتصب للأرض سوف يقوم أو أنا الطرف الأول بالبداية سأقدم تنازلاً له وأعطيه جزءاً من الأرض، تنازلاً مني له، وهو سيقوم أيضا بالتنازل عن جزء من الأرض أنا أملكها، سيتنازل لي عن حقي وبالتالي نصل للتسوية السياسية التي يسعون إليها”.
عبر هذا التوصيف الدقيق يصل الرئيس الأسد إلى حقيقة دامغة وهي أن المسلَّمات لا تنفصل عن المخطط السياسي لأعدائنا من الليبراليين الجدد، فإذا أرادوا أن يصلوا إلى الانهيار السياسي فلا بد من الانهيار الاجتماعي والانهيار الأخلاقي والديني والأسري، ولهذا كله فقد حشدوا أدواتهم وضخوا ملياراتهم لإحداث مثل هذه الانهيارات.
ومثلما حشد أعداؤنا أدواتهم وضخوا ملياراتهم لضرب مفاهيمنا وقيمنا فإن علينا حشد قوانا وطاقاتنا لنحافظ عليها فهي مرتكز انتماءاتنا الوطنية والقومية، ولنبدأ من نقطة هامة جداً، أي بفضح كل الخداع والنفاق الغربي وغاياته التي يراد تمريرها لخدمة أجنداته المشبوهة وسياساته الاستعمارية المتوحشة، لنحافظ على لغتنا العربية، وعلى كل قيمة أخلاقية مضافة في مجتمعنا، على آدابنا وفكرنا وعقيدتنا الصحيحة، حتى لا نقع في فخ أخلاقهم الرخيصة وعاداتهم الاستهلاكية الفارغة، وكي نحرر أرضنا وإنساننا من كل قيد، ومن أي انحطاط اجتماعي أو انحلال أخلاقي