بقدر ما أكلت النار من أرواحنا ونفوسنا وتعب سنين أهلنا وشعبنا، بقيت الرؤية والذاكرة تحتفظ بذاك المشهد الحزين يوم طغى سلوك القبح، وفار الجنون على مساحة كبيرة من فوضى المقاصد، حين زحفت ألسنة اللهب بشرها لتلتهم الأخضر واليابس وتعري بساطنا الطبيعي الجميل من كل خصائصه ومكوناته..
بقدر ما ردت إلى أعصابنا المرممة حالة الاطمئنان والسرور رغم كل ذاك الوجع وتلك الندوب التي حفرت أخاديد البؤس في كل زاوية من زوايا الوطن، حين استطاع أبطال وعناصر الأمن الجنائي إلقاء القبض على خلية الوحوش البشرية التي تسببت بآلام السوريين في الساحل والداخل والشمال والجنوب وجردت صيفهم من كل خيراته.
فعلى عتبات الحقيقة كانت زفرات اللصوص تنطق بتصورات حقدهم وأساليب مكرهم وألوان عمالتهم المرتبط خيطها الخشن بأعداء الوطن في الداخل والخارج.. على منابر الضوء اعترف المجرمون بخساسة فعلهم.. وكيف خططوا واشتروا ذمم بعض الشباب من ضعاف النفوس في تلك المناطق المترامية الأطراف، والتي حلت بها الكارثة والنكبة الاقتصادية والاجتماعية بعد أن مات الضمير ودفن بعباءة الإنسانية المزيفة العابرة لحدود المصالح، وإن كانت تركتها تدمير بلدين وإفقار شعب بالقوة..
تسعة وثلاثون مجرماً ذميماً ليس من السهل أن يلقى القبض عليهم بزمن قياسي في ظروف صعبة فرضتها تركات الحرب العدوانية المتعددة الأوجه.
فالمال الوسخ الذي اشترى به مخططو مسلسل الانتقام من هذا الشعب السوري المقاوم قد مسح الرحمة من على وجوههم ، والرأفة من قلوبهم.. فكانوا كالحجارة العمياء لا تأبه لرميها ولا كيف تصيب ومن تصيب..
لقد عشنا لحظات من قدر مكتوب على جبين السوريين من أن ثمن الكرامة غالٍ جداً، وحجم التضحية لا حدود لها في سبيل حرية وسيادة القرار الوطني.
حرب عدوانية شرسة جربت كل أدواتها الإرهابية القذرة، وما أفلحت في تحطيم معنويات هذا الشعب ولا هيبة رجاله الأشداء الساهرين المتيقظين على حدود أمن وأمان هذا الوطن العزيز.
عين المجتمع- غصون سليمان