في أخطر حادث من نوعه تعرضت 6 وكالات فيدرالية أميركية مهمة من بينها وكالة الأسلحة النووية وكذلك وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى هجوم سيبراني واسع النطاق، ما تزال مفاعيله مستمرة وأضراره غير معروفة، ما أدخل الولايات المتحدة في أصعب تحدّ لها منذ بدئها بشن هذا النوع من الحروب الافتراضية حول العالم.
الغريب في الأمر أن الهجوم الذي تعرضت له أميركا (رغم تفوقها وأسبقيتها بمثل هذا النوع من الحروب وامتلاكها مجموعة هائلة من تقنيات مكافحة القرصنة الأكثر تطوراً في العالم) ما يزال مستمراً منذ شهر آذار الماضي من دون أن تعرف الجهة المنفذة له، ومن دون أن تتمكن وكالة أمن البنى التحتية والسيبرانية الأميركية من إيقافه أو تحديد حجم الأضرار التي أحدثها، ورغم تنوع الاتهامات إلا أن الملفت للنظر بأن إدارة ترامب لم تكشف عن طبيعة الهجوم وخطورته إلا بعد أن فقدت حظوظها بالتمديد لولاية رئاسية ثانية، وهو ما يعتبر بشكل أو بآخر وضع عصي في دواليب الإدارة الجديدة وتكبيلها بمشكلات إضافية قد لا تكون مستعدة لها.
الرئيس المنتخب جو بايدن الذي صدمه الهجوم واستشعر الخطر قال: “علمنا مؤخراً أن اختراقاً هائلاً للأمن السيبراني طال الآلاف من الضحايا المحتملين، من ضمنهم شركات أميركية ومؤسسات حكومية”، معتبراً ذلك “مصدر قلق هائل” واعداً بوضع الأمن السيبراني في رأس أولويات إدارته..!
ما جرى يصح فيه المثل العربي القائل “يداك أوكتا وفوك نفخ” فقد كانت أميركا أول من ابتدع هذا النوع من الحروب ضد الآخرين، مستفيدة من تفوقها العلمي والتكنولوجي الذي لم تستثمره لفائدة البشرية بقدر ما استثمرته لأغراض القرصنة والعدوان، وقد استخدمت هذه الحرب لأغراض التجسس والتخريب وإلحاق الأضرار بمنافسيها وأعدائها على السواء، ولم يكن حلفاؤها بمنأى عنها، حيث تعرض هاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل عامين لعميلة قرصنة وتنصت من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية ما تسبب بأزمة بين البلدين.
وقياساً على ذلك، قد لا تكون روسيا أو الصين أو حتى إيران (وهي جهات متهمة سلفا من قبل الأميركيين) مسؤولة عن هذا الهجوم الذي وصفته وكالة الأمن السيبراني ب(عمليات استخباراتية معقدة)، فلماذا لا تكون إسرائيل هي من قامت به وهي التي تطمح إلى دور أكبر منها ولو على حساب أميركا حليفتها الأكبر، فقضية الجاسوس جوناثان بولارد لم تنتهِ فصولها بعد رغم الإفراج عنه..؟!
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود