الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:
قلق وتهيب أصاب الحكومة الأميركية جراء حملة القرصنة المتطورة والواسعة النطاق التي ألحقت الضرر بالوكالات الفيدرالية العليا، بما فيها وزارة الطاقة ووزارتي الخزانة والتجارة، ويقال أيضاً بأنها استهدفت الوكالة المسؤولة عن مخزون الأسلحة النووية في البلاد.
وأعربت السلطات عن ارتفاع منسوب القلق لديها نتيجة عمليات الاختراق، محذرة من مغبة ما تشكله من “خطورة جسيمة” على الحكومات الفيدرالية والمحلية، فضلاً عما تلحقه من ضرر بـ”كيانات البنية التحتية الحيوية”، وقد حذرت وكالة أمن البنى التحتية والسيبرانية الأميركية في بيان لها الخميس الفائت من صعوبة تعطيل البرامج الضارة التي دخلت إلى برامج الشبكة، واستطردت الوكالة: “يكتنف عملية التصدي لهذا التهديد الكثير من التعقيد الأمر الذي يشكل تحدياً للمؤسسات”.
وفي ذات اليوم نشرت الوكالة معلومات أكثر تفصيلاً حول واقعة الاختراق، إذ أكدت الحكومة الأميركية أن العملية التي قام بها مجموعة من القراصنة أحدثت ضررا في شبكاتها، وأردفت بأن الهجوم “كبير ومتواصل”، ولا يزال حجم الاختراق الحقيقي غير معروف، ولكن على ما يبدو أنه امتد إلى شركات وجهات غير حكومية.
وذكرت وكالة رويترز أن اختراقاً تعرضت له مايكروسوفت كان جزءاً من حملة يشتبه بكونها روسية المصدر، وفي مطلع هذا الأسبوع ذكرت شركة سولارويندز التي جرى التسلل إلى برنامجها بأن حوالي 18 ألف من أصل أكثر من 300 ألف عميل يستخدمون البرنامج المخترق، إذ عمد المتسللون إلى إدخال برامج ضارة إلى إحدى أهم برامج سولارويندز ويدعى أورين، الذي تستخدمه العديد من وكالات حكومية وشركات كبيرة.
لقد بدأت عمليات القرصنة في مطلع شهر آذار، عندما جرى إدخال تعليمات برمجية ضارة إلى تحديثات برنامج أورين، الذي يراقب شبكات الكمبيوتر في الشركات والحكومات، وبذلك تمكن القراصنة من التحكم عن بعد والوصول إلى شبكات حكومية فضلاً عن الوصول أيضاً إلى البريد الالكتروني الداخلي لها، ولا يزال محتوى ما اطلع عليه المتسللون ومدى نجاحهم غير معلوم حتى الآن.
وذكرت وكالة الأمن المعلوماتي بأنها ستواصل تحليل الأساليب الأخرى التي وظفها المهاجمون، إلا أنها لم تتعرف على هوية المتسللين الذين يراقبون البريد الالكتروني والمعلومات الأخرى لوزارة الدفاع والخارجية والخزانة والداخلية والتجارة، وذكرت وزارة الطاقة الأميركية بأن في حوزتها أدلة تؤكد تمكن المخترقين من الوصول إلى شبكاتها الأمر الذي يعد جزءاً من الحملة الالكترونية الضخمة، وذكرت بوليتكو في وقت سابق أنه جرى استهداف الإدارة الوطنية للأمن النووي، التي تدير مخزون الأسلحة النووية في البلاد، ما أثار كثيراً من التوجس والقلق لدى وكالة الأمن القومي.
وحدد مكتب التحقيقات الفيدرالية ووكالات أخرى جدولاً لتقديم إحاطة لأعضاء الكونغرس، وأعرب جو بايدن عن مخاوفه من عدم اتخاذ أميركا في المقام الأول ما يلزم لردع الهجمات الالكترونية، وأكد بأن الأمن السيبراني سيكون في رأس سلم أولويات إدارته، لكن يبدو بأن ما اتخذ من دفاعات لم يكن بالمستوى المرغوب وقال: “يجب علينا في المقام الأول تضليل خصومنا وردعهم عن شن هجمات إلكترونية حساسة وسنتخذ ذلك الإجراء فضلاً عن تدابير أخرى من خلال فرض أثمان باهظة على الجهات المسؤولة عن تلك الهجمات الخبيثة وسنعمد إلى التعاون مع حلفائنا وشركائنا”.
طالب اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ بإحاطتهم ودائرة الإيرادات الداخلية بشأن ما إذا جرى سرقة معلومات شخصية تتعلق بدافعي الضرائب خلال عملية الاختراق، علماً أن دائرة الإيرادات الداخلية تابعة لوزارة الخزانة الأميركية التي تضررت بعملية الاختراق، وكتب كل من السيناتور تشاك غراسلي حاكم إيوا والسيناتور ورون وايدن حاكم اوريغون: “نظراً للحساسية البالغة للمعلومات الشخصية المتعلقة بدافعي الضرائب والمعهود بها لمصلحة الضرائب الأميركية، ونتيجة الضرر الذي لحق بخصوصية الشعب الأميركي والأمن القومي الأميركي الذي نجم من جراء قيام جهات معادية بعملية القرصنة واستغلال البيانات، فإنه يجب اطلاعنا على ما جرى في وكالة الضرائب الأميركية”، وقد قطع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض روبيرت أوبراين رحلته إلى أوروبا بغية معالجة مسألة الهجوم السيبراني.
في غضون ذلك أصدر مسؤولو الأمن الداخلي توجيهاً عاجلاً إلى الوكالات المدنية الفيدرالية كافة للقيام بمراقبة أنظمتها، ويمثل هذا التوجيه خامس أمر من هذا القبيل تصدره وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية منذ إنشائها في عام 2015. الجدير بالذكر أن خبراء في مجال الأمن قد رأوا بأن عمليات التسلل المكتشفة حتى الآن قد تكون غيض من فيض، وفي هذا السياق قال مايك كايزر، كبير الاستراتيجيين في برنامج سيل بوينت لإدارة الأمن وشؤون الهوية: “نظراً للشكوك المتعلقة بالبنية التحتية للشركة بأكملها، سيتطلب الأمر وقتاً طويلاً لإعداد برنامج يمكننا من إعادة ضبط تلك الأنظمة على نحو موثوق”.
أما الرئيس دونالد ترامب فإنه لم يتطرق للحديث عن عملية القرصنة ولذلك انتقده السيناتور الجمهوري ميت رومني بسبب صمته المطبق حول هذه الحادثة والتقاعس عن اتخاذ أي إجراء.
وقال رومني في تصريح له: “يماثل ما جرى من اختراق إلكتروني تحليق الطائرات المسيرة فوق بلدنا بالكامل مراراً وتكراراً دون أن يتم اكتشاف أمرها”، مضيفاً “لقد آن الأوان لإعادة النظر بضبط الأمن القومي وإعطاء الأولوية لقدرات الأمن السيبراني ودفاعاته”.
المصدر: الغارديان