الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
لم يكن الإرهاب ليتسلل إلى دواخل مجتمعاتنا ودواخل ذوات أبنائه وتفكيرهم وحياتهم بتفاصيلها، لولا بحث الغرب عن ثغرات داخلية فكرية وأخلاقية في تلك المجتمعات ليتسلل من خلالها ويمارس أساليبه ضدها في التضليل والتزوير والتزييف، وينفذ سلسلة من الهجمات المستترة والمخفية لتحقيق أهدافه ومخططاته.
هذا التسلل الغربي أتى بأشكال عدة حتى وصل إلى مرحلة ومستوى عالٍ من منسوب العمليات الإرهابية، بدءاً من تعمده الإساءة إلى دين الإسلام السمح واتهامه زوراً وبهتاناً بصفة الإرهاب، وانتهاء باللعب على المصطلحات وترويج ما يناسبه منها.
محاولات كثيرة نفذها الغرب لإعادة إحياء استعماره وانتدابه وسيطرته على الشعوب العربية بعد تحررها منه وطرده عبر المقاومة، مقاومة أجدادنا التي رفضت تواجد الدخلاء والغرباء، لكن هناك من ساعده من المتطرفين الذين تم تخريب عقولهم على الغزو كما في سورية وغيرها من بلدان تحارب الإرهاب رفضت الخنوع وتسليم الأبواب والمفاتيح للعدو، فكانت الحرب الإرهابية على سورية المستمرة حتى يومنا.
استخدم الأعداء مصطلحات وشعارات مزيفة وقلبوا المفاهيم واستغلوا ذوي النفوس الضعيفة وإغراءها بالمال والمناصب وما إلى ذلك، وهي المجموعات الإرهابية التي اعتمد عليها الغرب بشكل كبير باعتبارها لا تتقبل الآخر، وهو ما صرف عليه مئات مليارات الدولارات من قبل مشايخ الفتنة ومشايخ البترودولار والعملاء، لتخريب مجتمعاتنا من خلال عملية التدمير الفكري الداخلي لها، وإيجاد شرخ بين فئات المجتمع وشرائحه وتنوعه، ليس هذا فحسب، بل حتى بين أبناء الأسرة الواحدة، وظهور حالات كثيرة من التفكك الأسري هو مثال حي وضريبة لذلك.
هذا الإرهاب لم ينتج عن هذه الأسباب فحسب، بل شكلت عمليات التدجين الإعلامية والإعلانية المتواصلة الغربية ضد مجتمعاتنا، إضافة للكميات الهائلة من المعلومات غير الصحيحة والمزيفة والتي تقصدت تذويب الحقائق في عمليات التشويه والتضليل لاستسهال تنفيذ عمليات الإرهاب والتقسيم والانحلال، وهو ما كانت الفضائيات بكثرتها وسيلة له “للغزو” الحديث وما تسمى وسائل التواصل الاجتماعي والتي تسببت بخراب وتدمير جزء لا يستهان به من المجتمع والأسرة والذات والفكر والتفكير.
من هنا فإن السيد الرئيس بشار الأسد خلال لقائه العلماء والعالمات في دمشق خلال الاجتماع الدوري الموسع لوزارة الأوقاف أكد أن الإرهاب هو مجرد نتيجة وليس سبباً، أي أن الإرهاب الناتج والحاصل في مجتمعاتنا هو نتيجة عوامل وأساليب الغرب الخارجية التي عمل على إدماجها بشكل آخر في فكر هذه المجتمعات لتسهيل تدميرها وتدمير مقاومتها لمشاريعه بكل أنواعها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، بعد أن فشل في عمليات الاستهداف الخارجية المباشرة وعمليات الابتزاز السياسي والحصار الاقتصادي.
لقد كان استهداف التحصين الداخلي خاصة الفكري والديني والأخلاقي لمجتمعنا من قبل الغرب بالتسلل إليه بطرق ووسائل شتى لا تزال تسير في منهجيتها العدوانية بعد أن تسللت إلى أقصى تفاصل حياتنا وخصوصياتنا، لذلك يجب إعادة ضبط حياتنا وفكرنا وفق ما يتماشى مع مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا ومعتقداتنا الوطنية والدينية، وليس وفق رؤى ومخططات أعدائنا كي نفشل خطة استهدافنا وإضعافنا