الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
عانت المنطقة عموماً من آثار الممارسات العدوانية الإرهابية لتنظيم الأخوان المسلمين منذ تأسيسه في القرن الماضي وحتى الآن ، وقد تأثرت سورية بوجه خاص كثيراً من ممارساته تلك ، إذ وقع الكثير من الضحايا نتيجة إرهاب التنظيم في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، واغتيل على يديه قامات علمية وأطباء وكوادر ثقافية وفكرية واجتماعية وقانونية واقتصادية وسياسية ، كما راح الكثير من الضحايا الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ .
ولم يستثن إرهابهم حتى رجال الدين الذين يختلفون معهم بالرأي ، كما أصابت تفجيراتهم دور العبادة والمدارس والجامعات والأحياء السكنية المدنية ، ليلحق إرهابهم أفدح الخسائر بالوطن والأمة والمجتمع ، بالتوازي مع الإرهاب والعدوان الذي كان يشنه الكيان الصهيوني المجرم في تقاطع مصالح كبير بين الطرفين ، حيث حفل تاريخهما الأسود بالكثير من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية .
لقد تخفى تنظيم “الأخوان المسلمين” منذ نشأته بغطاء الدين لتمرير غاياته وأهدافه التخريبية المشبوهة ، في حين لجأ إلى أسلوب القتل والتصفية الجسدية لكل من يعارض فكره التخريبي والتدميري لخدمة مبتغاه في الوصول إلى الحكم في عدد من الدول العربية والإسلامية ومنها سورية ومصر وتونس والجزائر وغيرها .
كما قام الأخوان بنشاطات سرية ملتوية تحت حجج واهية ، ورفعوا شعارات حق يراد بها باطل ، وعقدوا صفقات سرية مع أعداء الأمة والوطن ، في حين كانوا يظهرون جانب العداء لهم للتمويه وتضليل الرأي العام .
فبينما دعوا إلى محاربة الظلم كانوا الأكثر ظلما لكل من حولهم ، وبينما دعوا إلى تحرير فلسطين ، كانوا أول من ارتمى في أحضان الغرب وإسرائيل وعقد اتفاقات سرية مع الاحتلال الصهيوني كما هي حالة النظام التركي الذي لم يسلم شعب أو دولة في المنطقة من شروره في الوقت الذي يقيم أوثق العلاقات مع أميركا والكيان الصهيوني .
كما ارتبط الأخوان مع جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى في المنطقة والعالم مثل تنظيم القاعدة الإرهابي وتنظيمي داعش والنصرة المتفرعين عنه ، في حين كشفت الكثير من التقارير الغربية عن الارتباط العضوي بين هذه التنظيمات الإرهابية وأنظمة سياسية مثل الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني إضافة إلى حكومات غربية وأنظمة غربية .
ومما لا شك فيه أن الظروف السياسية التي تلت نكسة حزيران 1967 قد ساهمت بتضليل الرأي العام بخصوص طبيعة وحقيقة هذه الحركة الفاشية التي رفعت شعارات إسلاميّة جوفاء للتغرير بالناس ، وتمادت بخيالها عبر رسم صورة طوباوية وحالمة عن نظام يتحقق فيه العدل والرفاه والمساواة في ظلّ حكم ديني أو ما يعرف بالإسلام السياسي ، وكل ذلك في سبيل تحقيق الطموحات الشخصية لمتزعمي الحركة ، كي يتمكنوا من الوصول إلى السلطة على أكتاف المغرر بهم ومن ثم تنفيذ أجندات مشغليهم من قوى ودول استعمارية .
لقد أثار التنظيم الكثير من المفاهيم الخاطئة واستخدم الكثير من المصطلحات المشوهة التي كانت غايتها ضرب الدين والعقيدة الراسخة في المجتمع من خلال التشكيك بعروبة سورية وبلاد الشام والوطن العربي وبعروبة القرآن وحتى بعروبة الرسول ، ليتمكنوا من خلق التناقض بين العروبة والإسلام وضربهما ببعضهما البعض .
كما حاول التنظيم من خلال تبنيه للفكر التكفيري زرع الفتنة والتقسيم في المجتمع والواقع العربي والإسلامي من أجل ضرب الوحدة الوطنية التي تقوم على التنوع والتعددية في كل بلد عربي خدمة لأجندات قياداته العميلة والمأجورة .
لقد أعطوا صورة سيئة عن الدين الإسلامي عبر ممارساتهم الإرهابية والإلغائية والإقصائية ومحاولتهم احتكار تمثيل المسلمين بمفردهم أمام العالم ، وقد ساهمت أفعالهم الغاضبة التي تدعي نصرة الإسلام بخلق ردات فعل حاقدة ضد المسلمين في أنحاء المعمورة ، وهو ما أضر بقضايا العرب والمسلمين عموماً .
لقد وصّف السيد الرئيس بشار الأسد حقيقة هذا التنظيم الذي يدعي نصرة الإسلام بالغضب والعنف خلال لقائه العلماء بجامع العثمان يوم 7/12/2020 فقال : (إن الدين ينتصر ليس بالغضب ، بل ينتصر بالتطبيق ، وعندما نطبق الدين بشكله الصحيح في المجتمع من خلال تطبيق مقاصد الدين فعندها سيكون هذا المجتمع معافى وسليماً ، وعندها ينتصر الدين ، فالدين لا ينتصر إلا إذا انتصر المجتمع ، والمجتمع لا ينتصر إلا إذا كان سلوكه بشكل عام سليماً ) .
فمن يريد أن يعطي صورة ناصعة وحقيقية عن الإسلام والمسلمين والدين الصحيح يجب أن يقتدي بأخلاق الرسول وأن يتبعه في العقيدة والسلوك ، لا أن يدعي إيمانه بعقيدة وتعاليم الرسول ثم يخالفه بالسلوك والفعل والممارسة كما يفعل تنظيم “الأخوان المسلمين” هذه الأيام