الثورة أون لاين – عائدة عم علي:
لا تنفك الدولة السورية تجدد دعوتها بشكل متواصل للمواطنين السوريين الذين أرغموا على مغادرة البلاد بفعل الحرب الإرهابية الظالمة على سورية للعودة إلى وطنهم، وهي تبذل كل الجهود لتسهيل هذه العودة وتوفير متطلبات العيش الكريم لهم في مدنهم وقراهم وفق الإمكانيات المتاحة، إلا أن تلك الدعوات لا تزال تصطدم بالعراقيل التي تضعها الدول الداعمة للإرهاب، وتفرض المزيد من الإجراءات الاقتصادية القسرية لتمنع عودة المهجرين بفعل الإرهاب، وفي ظل هذه العراقيل لا يزال المهجرون السوريون يعيشون ظروفاً مأساوية في مخيمات اللجوء في الدول التي لجؤوا إليها هرباً من بطش التنظيمات الإرهابية، فازدادت معاناتهم بعد أن وقعوا ضحية الاستغلال والمتاجرة الرخيصة بمعاناتهم، من قبل الدول التي تؤويهم على أراضيها.
معاناة اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء في الخارج لا تبدأ من الظروف غير الإنسانية التي يعيشونها لافتقاد تلك المخيمات لأبسط الخدمات الصحية، ولا تنتهي بأشكال الضغط والترهيب النفسي التي يتعرضون لها، وإنما أيضاً بالمعاملة العنصرية التي يتلقونها من قبل الدول الغربية والإقليمية التي هربوا إليها، وكثيرة هي الشواهد الحية التي تؤكد ذلك، ولعل ممارسات نظام أردوغان بحقهم تجسد هذه المعاناة الإنسانية، فهو أخرج قضية اللاجئين من إطارها الإنساني والأخلاقي، وجعلها ورقة ابتزاز يتسول عليها أموال الغرب، وكلنا يذكر كيف ابتز الدول الأوروبية ولم يزل بهذه الورقة، تماماً كما تبتز تلك الدول بدورها الحكومة السورية لتحصيل مكاسب سياسية عجزت عن تحقيقها عبر دعمها المتواصل للإرهاب.
والاستغلال التركي والأوروبي للمهجرين يوازية أيضاً الابتزاز الأميركي الأكثر بشاعة ووحشية، ويبقى مخيم الركبان الذي تحتجز فيه قوات الاحتلال الأميركي آلاف الأسر السورية المهجرة مثال صارخ على العربدة الأميركية، حيث معاناة المهجرين داخل المخيم تتفاقم بشكل يومي، والوضع الإنساني الكارثي داخله يزداد حدة بسبب الوضع الإجرامي الذي تسبب به الإرهابيون بتواطؤ ودعم مباشر من المحتل الأميركي، الأمر الذي يشجع على تهريب الأسلحة والذخيرة وازدهار الاتجار بالبشر، ما يجعل حياة المهجرين في المخيم لا تطاق إلى حد كبير وتشكل مستوى عالياً من التهديد الإرهابي.
كما يواجه آلاف المدنيين في المخيم أوضاعا إنسانية صعبة بسبب النقص الحاد بالمواد الغذائية، حيث يحتكر الإرهابيون وعائلاتهم كل المساعدات، ويسيطرون على جميع المواد الغذائية والقيام ببيعها بأسعار مرتفعة لبقية قاطني المخيم، بالإضافة إلى ترهيب السكان والتحكم بأمور حياتهم ومنعهم من مغادرة المخيم، وكل ذلك تحت أنظار واشنطن راعية أولئك الإرهابيين، هذا فضلاً عن أن الخدمات الطبية الأساسية شبه معدومة، كما يفتقر المخيم للمياه النظيفة الصالحة للشرب وشبكات الصرف الصحي والمقومات الأساسية للسكن.
أميركا والدول الأوروبية لطالما عرّوا نفاقهم وادعاءاتهم الإنسانية الزائفة، فهم مستمرون في المتاجرة بمعاناة المهجرين السوريين، والعالم كشف زيف ادعاءاتهم تلك عندما امتنعوا عن المشاركة في المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين الذي عقد في دمشق مؤخراً لأجندات سياسية واضحة، علماً أنه لم يعد هناك من أسباب تمنع أو تحول دون عودة اللاجئين إلى بلدهم، فكلّ متطلبات وشروط ومستلزمات العودة وفرتها الحكومة السورية، وهي لا تزال تؤكد بأن عودة اللاجئين وإنهاء معاناتهم أولوية وطنية، كألوية استكمال الحرب ضدّ فلول الإرهاب وداعميه.