الثورة أون لاين – سامر البوظة:
وسط تخاذل المجتمع الدولي وعلى مرأى من منظماته التي تدعي الإنسانية, يعيش المهجرون السوريون الذين أرغموا على مغادرة البلاد بفعل الحرب الإرهابية الظالمة التي شنت على سورية منذ ما يقارب العشر سنوات, ظروفاً إنسانية صعبة وفقراً ونقصاً في الغذاء والماء والرعاية الصحية في ظل احتجازهم داخل المخيمات التي أعدت لهم, إن كان من قبل الجماعات الإرهابية التي تسيطر على بعض تلك المخيمات أم من قبل سلطات بعض الدول التي لجؤوا إليها, والتي زاد عليها أزمة انتشار فيروس كورونا.
و مع قدوم فصل الشتاء، تزداد معاناة هؤلاء اللاجئين في مخيمات الموت تلك، فلا خيمة تقيهم البرد ولا يوجد بين أيديهم وسيلة آمنة للتدفئة، ومع كل شتاء تكثر الحرائق والأضرار، ومن ينجو منهم الفيضانات والسيول إما أن يموت نتيجة تلك الحرائق أو يشرد ويصبح بلا مأوى.
ولم تتوقف معاناتهم عند هذا الحد فحسب, خاصة في ظل ما يتعرضون له كل يوم من اضطهاد وحالات تمييز عنصري، إضافة إلى الاعتداء عليهم وحالات الاغتصاب التي سمعنا عنها أكثر من مرة في تلك المخيمات, كل ذلك على مرأى من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التي لم تحرك ساكناً إزاء تلك الانتهاكات التي تشكل خرقاً فاضحاً لأبسط القواعد والحقوق الإنسانية والبشرية.
ولطالما كانت قضية اللاجئين ورقة للمتاجرة والاستغلال السياسي للعديد من الدول وعلى رأسها منظومة العدوان على سورية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة التي تسعى بكل الوسائل لإطالة أمد تلك الحرب القذرة التي شنتها على سورية عبر مواصلة استثمارها بالإرهاب, و تعمد إلى استغلال قضية المهجرين وابتزاز المجتمع الدولي بهم وتخويفهم من العودة إلى وطنهم, كما تمنع خروج المواطنين من مخيمات اللجوء تلك إلى ديارهم وإلى مدنهم وقراهم بعد تحريرها من الإرهاب, لتبرر وجودها غير الشرعي وتبقي على قواتها المحتلة.
كما استخدمها البعض كورقة ضغط للمساومة في بازاراتهم السياسية الرخيصة كما فعل رئيس النظام التركي, المجرم أردوغان مع دول أوروبا لتحقيق أهدافه الدنيئة مستخدماً ورقة اللاجئين ليهدد بها أوروبا.
الحكومة السورية وعلى مدى السنين الماضية لم تتخل يوماً عن قضية هؤلاء اللاجئين, وبذلت وتبذل كل الجهود لتسهيل إعادتهم إلى بيوتهم وتوفير متطلبات العيش الكريم لهم في مدنهم وقراهم وفق الإمكانيات المتاحة, ولطالما أكدت ذلك ودعتهم إلى العودة إلى أرض الوطن وطالبت بتسهيل عودتهم, وبالفعل الكثير منهم لبى النداء, و عاد آلاف المهجرين من لبنان والأردن إلى بلداتهم وقراهم التي حررها الجيش العربي السوري من براثن الإرهاب وتم تأمينها بالخدمات الأساسية.
و المؤتمر الدولي الذي انعقد مؤخراً في دمشق حول عودة اللاجئين, إن دل على شيء فإنما يدل على مدى الاهتمام الذي توليه الدولة السورية لقضية اللاجئين وإعادتهم إلى وطنهم وإنهاء معاناتهم, على الرغم من كل المحاولات الغربية الحثيثة لإفشاله, وما عدم مشاركة تلك الدول في هذا المؤتمر إلا دليل على أن هذه الدول لا تريد حلاً لقضية المهجرين وتريد الإبقاء على تلك الورقة لتستثمر بها, ولكن مهما فعلت لن تجد إلا الفشل, والدولة السورية كما أعلنت مراراً فإنها لن تدخر جهداً في سبيل إعادة كل المهجرين إلى أرض الوطن وتأمين كل ظروف العيش الكريم لهم وفق الإمكانات المتاحة, والجيش السوري ماض على عهده حتى تحرير كامل التراب السوري من رجس الإرهاب ومن غاز محتل, وعلى المجتمع الدولي هنا أن يتحمل مسؤولياته أكثر تجاه هذه القضية الإنسانية وأن يساهم بشكل فعال في تسهيل عودتهم إلى وطنهم, وأن يؤمن لهم كل أنواع الدعم اللازم والحماية الكافية ليعودوا إلى بلدهم سالمين آمنين.