الثورة أون لاين- ترجمة – ليندا سكوتي:
تمثل حزمة التحفيز الاقتصادي البالغة 900 مليار دولار أميركي الموافق عليها من الكونغرس في الأسبوع الماضي نوعاً من المساعدة لملايين العائلات والشركات التجارية التي تصارع للبقاء على مدى أشهر عديدة، إلا أنه من المرجح أن تستدعي الضرورة تقديم المزيد من الدعم الفيدرالي في القريب العاجل نتيجة الوضع الاقتصادي الرازح تحت نير الوباء الذي يضيق الخناق على الأنشطة التجارية، ومن غير الواضح ما إذا كانت الحكومة ستمنح هذا الدعم للمواطنين ومتى ستقدمه.
وافق قادة الكونغرس حاليا على توفير الإعانات المطلوبة والملحة إلى العاطلين عن العمل، وتقديم قروض لمساعدة الشركات التجارية الصغرى المتعثرة للاستمرار بأعمالها، وتزويد معظم الأفراد بمبلغ 600 دولار على شكل مدفوعات نقدية، الأمر الذي يجنب العائلات إخلاء منازلهم، غير أن ذلك الإجراء لا يشمل تقديم مساعدة لتحسين ميزانية الولايات والمقاطعات التي تضطر إلى تسريح العاملين، ووقف خدماتها، ما يؤدي إلى توقف عائداتها الضريبية، ويشكل عائقا أمام عجلة الاقتصاد.
يرى الاقتصاديون أنه بعد أشهر من الآن فإن توزيع اللقاح على نطاق واسع والتطعيم قد يطلقان العنان لانتعاش اقتصادي قوي، وذلك عندما يتحقق القضاء على الفيروس، وإعادة فتح الشركات، وتوظيف العاملين، وإنفاق المستهلكين بحرية مرة أخرى، إلا أنه حتى ذلك الحين فإن حزمة مساعدات الكونغرس قد لا تفي بالغرض لتفادي المصاعب التي تواجهها العائلات والشركات الصغرى، ولاسيما إذا رفض المشرعون زيادة الإعانات في أوائل العام المقبل، بالإضافة إلى احتمال تفاقم الفجوة المالية الآخذة بالاتساع بين الأسر الثرية والفقيرة، وفي هذا السياق يقول كبير الاقتصاديين الأميركيين في شركة اكسفور إيكونوميكس الاستشارية، جريجوري داكو: “لا شك بأن تقديم المساعدات أفضل من عدمها، وإنها لأمر إيجابي، ولكنها قد تكون غير كافية لسد الاحتياجات من الآن حتى أواخر فصل الربيع أو مطلع الصيف إلى حين تحسن الوضع الصحي”.
صرح الرئيس المنتخب جو بايدن أنه سيسعى لتقديم حزمة مساعدة أخرى بعد تنصيبه في الشهر المقبل، الأمر الذي سيفضي إلى مشاحنات ومشادات سياسية أخرى نظرا لما قاله الأعضاء الجمهوريون في مجلس الشيوخ من أن “الشعب سيتم تطعيمه لذلك فإن المزيد من المساعدات الحكومية أمر ليس بذي أهمية”.
جاءت حزمة الإنقاذ الجديدة أقل مما طالب به الديمقراطيون، وأقل بكثير مما جرى توفيره في حزمة المليارات للعائلات والشركات التي أقرتها الحكومة في شهر آذار، وخير مثال على ذلك، أنه تم تحديد إعانة البطالة الفيدرالية الجديدة الإضافية بمبلغ 300 دولار أسبوعيا، أي نصف المبلغ المقدم في شهر آذار، وستنتهي في غضون 11 أسبوعاً، وسيصار إلى تمديد برنامج الإعانات للعاطلين عن العمل، والعاملين لحسابهم الخاص، والعاملين في الوظائف المؤقتة حتى منتصف شهر آذار، أي قبل احتمال انتعاش الاقتصاد على نحو تام. وفي هذا السياق، قال داكو” ليس هناك زر نضغط عليه يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل ظهور كوفيد”.
ربما تكون حزمة التحفيز الاقتصادي الجديدة كافية في الوقت الراهن ما يحول دون ركود اقتصادي آخر، إذ ترى وكالة ستاندرد أند بورز بأن تلك الدفعة ستسهم في إغاثة الاقتصاد وإعادته إلى المستوى الذي كان عليه قبل الجائحة، وذلك بين شهري تموز وأيلول من العام المقبل أي بعد حوالي سبعة شهور من الآن، ولكن دون ذلك الدعم فإنه لا يمكن الوصول إلى التعافي قبل عام 2022.
لقد شهد الاقتصاد تدهورا نتيجة انتشار الفيروس، وتكثيف الضغوط على الشركات والزبائن الذين توقفوا عن التسوق والسفر، وتناول الطعام خارج المنازل، وحضور الألعاب الرياضية، والذهاب إلى الأماكن الترفيهية، ما أدى إلى ركود في الواقع الاقتصادي.
ولو لم يوافق الكونغرس على حزمة التحفيز الاقتصادي الجديدة بعد شهور من هذا التدهور لفقد أكثر من 9 ملايين أميركي إعانة البطالة، علما أن قرابة 4 ملايين يعتمدون على مساعدة البطالة المقدمة إليهم التي ستدوم 26 أسبوعا في معظم الولايات.
ومن بين أولئك المواطنين وارن كالفيرت الذي نفدت استحقاقات البطالة بالنسبة له منذ حوالي شهرين، فاضطر للتأخر عن دفع فاتورة الكهرباء أشهرا عدة، وقد سبق له أن خسر وظيفته- التي يعدها أفضل وظيفة عمل بها- في فصل الربيع الفائت، إذ كان يعمل طباخاً، ويحصل على 15 دولارا في الساعة، بينما الآن يعمل وشريكه، الذي أقيل من عمله أيضا، في بيع مأكولات بيتية لسكان حيهم بهدف التمكن من دفع إيجار المنزل، وقال كالفيرت البالغ من العمر 38 سنة، “لايزال وضعي الاقتصادي متدهورا، وتزداد معاناتي يوما بعد يوم، ولا اعتقد أن أحدا يشعر بعيد الميلاد، فمن يستطيع شراء الهدايا، وكل ما سأفعله أني سأضع بعض الأضواء”.
ساهمت حزمة الإنقاذ الأكبر المقدمة من الحكومة شهر آذار الفائت في تجنب وقوع كارثة، إذ إن ضخ الأموال على نحو سريع في جيوب
الأميركيين جنب الكثير من الوقوع في أتون الفقر، ولكن مع انتهاء معظم هذه الإعانات خلال الصيف تزايد العوز فقد أنفق العديد شيكات الدفع البالغة 1200 دولار التي جرى توزيعها في شهري نيسان وأيار، وجرى إنفاق 600 دولار إضافية من إعانات البطالة خلال الصيف.
وبينت أبحاث أجراها بروس ميور واثنان من زملائه في جامعة شيكاغو أن معدل الفقر في الولايات المتحدة قفز من 9,3% شهر حزيران إلى 11,7% شهر تشرين الثاني-أي بزيادة حوالي 8 ملايين شخص.
كان لدى الديمقراطيين رغبة في أن تشمل حزمة الإنقاذ الاقتصادي الجديدة 160 مليار دولار على شكل مساعدات إلى حكومات الولايات والمقاطعات، لكن الجمهوريين عارضوا إضافتها. واللافت للانتباه بأن الولايات والحكومات أوقفت أكثر من 1,3 مليون وظيفة منذ بدء الجائحة ما ساهم في رفع معدل البطالة.
حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باوول بأن ملايين الأشخاص باتوا بحاجة ملحة لحزمة الإنقاذ الفيدرالية ما يساعدهم في الأشهر المقبلة إلى حين التعافي الاقتصادي وقال بعد الإشارة إلى اللقاح الجديد: “حاليا نرى ضوءا في آخر النفق، ومن المؤسف أن يفقد الأشخاص أعمالهم، أو ربما يخسرون شركاتهم في كثير من الحالات”.
المصدر إيران ديلي