لم يكن مفاجئاً البتة قيام رأس النظام التركي المنافق والمتاجر بالقضايا الإسلامية رجب أردوغان بالتعبير عن رغبته العارمة بتطبيع علاقاته مع الكيان الصهيوني، ولا سيما بعد أن صار هذا المسار المذل موضة الأنظمة الخاضعة للمشيئة الأميركية، فالتطبيع بين الطرفين قائم بالأصل وإن حاول البعض إنكاره، أو غطاه بالمساحيق التجميلية أو الأقنعة المهترئة “المتفق” عليها لزوم التمثيلية التي تبقي هذا الطاغية “العثماني” سلطاناً أو “خليفة” في نظر السذج ممن خُدعوا به في العقدين الماضيين وراحوا يعلقون عليه آمالهم المريضة والعريضة لمواجهة الإرهاب الإسرائيلي بحق العرب أو نصرة القضية الفلسطينية.
لقد نسي هؤلاء أو تناسوا أن أردوغان يشغل حالياً منصب المرشد العالمي لتنظيم انتهازي وضيع اسمه “الأخوان المسلمون” ـ صنيعة الاستعمار الغربي قبل نحو مئة عام – وهو رأس ما يسمى بالإسلام السياسي الذي يريد الهيمنة على المسلمين من خلال تدثره بعباءة الدين ورفع الشعارات الإسلامية البراقة، كي يستطيع خدمة أجندات مشغليه على أكمل وجه.
فالتطبيع بين تركيا والكيان الصهيوني المجرم قديم وعميق الجذور ويعود إلى عام 1949 أي بعد اغتصاب فلسطين بعام واحد، حيث اعترفت الحكومة التركية بقيام إسرائيل وتبادلت معها العلاقات الدبلوماسية، والاستخبارية فضلاً عن العسكرية والاقتصادية، كما بقي الكيان مصدراً رئيسياً لصفقات السلاح التركية، منذ الحظر الأوروبي والأميركي على تركيا عام 1974 بسبب احتلالها شمال قبرص.
لقد بات لافتاً انزلاق الحركات الأخوانية كحركة العدالة والتنمية في المغرب التي تدين بالولاء لأردوغان ـ وتحمل نفس اسم حزبه الحاكم- نحو التطبيع مع إسرائيل، والمؤكد أنها نالت موافقته ورضاه، فالإخوان المسلمون معروفون بتجارتهم بالدين والقضايا الوطنية والعمالة للأجنبي، وصندوق بريد هيلاري كلينتون مليء بالوثائق التي تؤكد ذلك.
قد يقول قائل إن أردوغان أسقط عن وجهه قناع واستبدله بآخر استرضاء لأميركا لتأمين استمرار نظامه، والحقيقة هي أن وجه أردوغان لم يتغير وهو شديد البشاعة وقد عرفه السوريون جيداً خلال محنتهم رغم تعدد أقنعته.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود