ليسَ للنصِّ ضفافٌ

الملحق الثقافي – د: عيد صالح: كاتب وشاعر مصري

“لا بدَّ للشاعرِ من نخبٍ جديد، ومن أنغامٍ جديدة” .
هكذا أعلنها الشاعر “محمود درويش” من بداية سبعينيات القرن الماضي، وظلَّت وستظلُّ هدف كلّ شاعرٍ طموحه أن يكتب القصيدة التي لا يشقّ لها جدار بيت، والنص الذي لم يفض، والكأس الذي لم تمسسهُ شفة أو تتذوقه حاسة ومسام، لكنها القصيدة المستعصية تظل دون اسم أو عنوان. هي المعني والدلالة والاكتمال والنقصان.. هي الطلقة والوردة والعصفور.. هي الأيكة والغيمة والمطر والشمس والفضاء والطرقات والأرصفة والغبار.. هي الروح والجسد والفوضى والنظام.. هي الجسر والنهر والبحيرة في شروقٍ وغروبٍ وندى فجر وليد!!.. هي الموزونة المنثورة المقفَّاة في عفويةٍ، والمخضَّبة بالأمنيوسي الحنون، تضرب جسدها الغض كي تخرج صرختها الأولى، عذرية بكراً، حرَّة ممشوقة القوام.
ولأن لكلِّ شاعرٍ بصمة وخاتماً وجيناً وصبغة وشامة واتِّجاهاً، فلا خوف على القصيدة. قد يكون العالم قرية، وقد نتشابه في الشكلِ والقوام، وقد نتماس أو نتناص لكننا في البداية والنهاية، مختلفون فثمَّ من يعبّ من نبعٍ رائقٍ، وثمَّ من يغرف من فيضانٍ بالطمي والعوالق، وابن البادية ليس كابن الوادي، وابن السهل ليس كابن الشاطئ …!!
أناك ليست الأنا، وذاتك التي تمخَّضت عن الفراغ، أو ربما عن ماسة وجوهرة.. عن سرّك المكنون، وعن إفراغِ الكأس دون أن تمسّ.. عن اللصوص والعسس، وعن طيشك والحكمة وحكمتك الرقص خارج الإطار.
لكنها الذات، الكلّ الواحد الإنسان في رقته وخشونته.. في ضعفه وقوته.. في عناده وسلاسته. ليس نبياً ولا قدِّيساً.. ليس مبشِّراً ولا داعية، كما أنه ليس شيطاناً ولا همجياً ولا بهيمياً ولا عدوانياً ولا قاتلاً أو مغتصباً. الإنسان الحالم المتواضع المترفع الرائع، في رقته وخشونته وعواطفه الطازجة الجميلة النبيلة.
لم تسقط المقولات الكبيرة كما يروِّجون، تحت أقدام الغزو الفكري واستعمار المخيلة والعقول، وتحت موضات الغربة والضياع، وحتى الايديولوجيات التي يدَّعون زوالها بسقوط حائط برلين، وتفكك الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي، في الحرب الطاحنة بين الغرب الاستعماري والشرق الاشتراكي، فلا تزال الأفكار الرئيسية تنتظم بحلقات المثقفين والكتاب الوطنيين المنتمين، لا الخونة الذين يبيعون أوطانهم لقاءَ مجدٍ أو شهرةٍ أو ترجمة أو جائزة هنا وهناك.
إذا كانت العولمة قد انتصرت في ظل القطب الاستعماري الرأسمالي المتوحش، إلا أن الشعوب الحرة المستقلة بقياداتها التاريخية والوطنية، لا تزال تقاتل من أجل استقلالها، رافضة التبعية ومسخ الهوية الثقافية والإبداعية، ولا يزال أحرار العالم ومثقفوه ومبدعوه، يتحدون غطرسة القوة والتوحش والعدوان، في بياناتهم وكتاباتهم وإبداعاتهم التي تنتصر للحق والعدل والاستقلال.

29-12-2020
رقم العدد 1026

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص