تستعجل رمي كل شيء في سلة مهملات الذاكرة..
لا ترغب بحمولةٍ زائدة في قلبها أو ذاكرتها، تمضي معها لعامها الجديد.
محاولات الترميم لا تُجدي.
يبدو أنها تقنية حديثة تمرّن نفسها على إتقانها..
تقنية الاستغناء والانطلاق نحو أشياء أكثر جمالاً وبدايات أكثر رحابة..
الاستغناء كقوة خفية تُظهر جوانبَ مجهولة داخلنا.
لم ترغب يوماً بالقيام بنوع من (تصفية حساب) في ختام كل عام.. إن كان مع الأشخاص المحيطين أو إن كان بالنسبة لمخططاتها ومشاريعها التي ترغب القيام بها أو تركها إلى لائحة الانتظار والتسويف.
هذه المرة، تداهمها رغبة بالتقاط حساباتٍ مع كثرة حولها، على سبيل جعلها الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا يلغيها..
ويبدو أن خلق الاستثناء من كل ما اعتادت عليه سيكون قاعدتها الأبرز في الفترة القادمة.
لسنين طوال مارست نفس القناعات والأفعال وحتى العادات..
الآن.. ترغب بتطبيق مبدأ الفيزياء القائل: لكل فعل ردة فعل، تساويه في القوة و تعاكسه في الاتجاه..
وعلى ما يبدو أنها الآن في مرحلة “يعاكسه في الاتجاه”..
هل تنقلب على ذاتها..؟!
من عاداتها الحديثة هواية الشطب.. كم تهوى الشطب، وكم ترغب بفعله تجاه أي شيء يعكر صفو مزاجها ويقلق طمأنينتها..
يبدو أن ثمة أشياء غاية وجودها تنحصر بتنبيهنا على جمالية الحياة بدونها..
ولهذا، تحضر بين حينٍ وآخر كنوعٍ من إبداء التفقّد لا غير.. كضيفٍ ثقيل الظل نتحيّن ساعةَ رحيله..
وفي حين تتكاثر الأشياء التي نرقب لحظة رحيلها.. تُلهينا عن ملاقاة تلك التي نتمنى بقاءها إلى آخر العمر.
وكتعويذة سرية، تركز على مفردتيها الجديدتين في مهارات العيش: الاستغناء والشطب.
مفردتان تردّدهما دون مللٍ..
وكأنها أخيراً اكتشفت ما أراده المدوّن الفرنسي دي مونتين من عبارته “..العيش في الوقت المناسب”..
يخيل لها أنه أراد قول “اختراع الوقت المناسب” باستخدام مهارتي الاستغناء والشطب..
هي التي تكره النهايات ستلمح بها دائماً طرف بدايات جديدة..
تخترع عيشاً على مقاس أحلامها.. أو وقتاً يطاول جنون رغباتها.
رؤية-لميس علي