هل ثمة أزمة هوية

 

أسفرت السنوات العشر الأخيرة التي مرت بها شعوب المنطقة العربية وجوارها ما يمكن وصفه بأزمة هوية، وتتلخص المسألة في مجمل المواقف التي تتخذها الأكثرية الشعبية والمجتمعية حال تعرضها لحالة من حالات التحدي الوجودي في مواجهتها للاجتياحات التي عصفت بها، بعد ما أطلق عليه الربيع العربي فقد أبرز ذلك الحدث عن ضعف الانتماءات الوطنية لصالح الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية ومع الإقرار بحقيقة الانتماءات المركبة وهي مسألة طبيعية بوصفها انتماءات لاإرادية سواء كانت جهوية أو دينية أو مذهبية أو عرقية، ولكنها تتنامى وتستيقظ عبر التحريض بذريعة الاستهداف أو الخطر الذي يتهدد الجماعة المتشكلة من مخيال فئوي يستدعي تاريخاً مصنعاً أو مصطنعاً يفصل الجماعة عن محيطها وبيئتها الاجتماعية، بهدف أحداث زمن ديني أو مذهبي أو عرقي يحدث حال نجاحه انقساماً عمودياً في المجتمع يتغلف بمشاعر خوف جماعي أو خلاص جماعي من خطر مفترض ومختلق ومزيف يستهدف جماعة بعينها.

ولعله من نافلة القول أن لا مشكلة في تعدد الانتماءات وكثافتها أو تكثيفها ولكن السؤال المهم والمركزي هنا لمن تنحاز الجماعات السياسية وأفرادها عند وجود تحد من هذا القبيل أو بمعنى أدق لمن الولاء في مصفوفة الانتماءات المشار إليها، هل هو للوطني أم للديني أو المذهبي والعرقي وغيره من أشكال الهويات الفرعية إن جازت تسميتها هويات وهل ينتصر الأنا الجمعي على اللهو الفردي والخرائط الضيقة وهنا يصبح الجميع أمام اختبار في الوطنية والانتماء العابر للخرائط الضيقة والمختبئة والمتنحية؟ وإذا كان السؤال عن السبب الذي يقف وراء ذلك الارتكاس الهوياتي الذي لاحظه كل من حلل ظاهرة الاستيقاظ غير المسبوق لتلك الانتماءات خلال السنوات أو العقود الماضية، فالجواب الذي يطرح نفسه يتلخص في مفهوم بناء الهوية الوطنية وقبل ذلك فكرة المواطنة القائمة على الولاء الوطني والقومي كمفهوم ثقافي وحضاري وقانوني ودرجة نجاح الحكومات والأنظمة السياسية في صهر وإبراز هوية وطنية قائمة على مبدأ سيادة القانون وسيادة الوطن ومبدأ العدالة وشرعية الحكم وأن الشعب هو مصدر السلطة وشرعيتها.

إن تعرض الشعوب والمجتمعات لتحديات وجودية كالتي تعرضت لها منطقتنا هو أمر طبيعي في سياق التطورات التاريخية وهذه تستدعي الاحتماء والاستقواء بالهوية الجامعة الوطنية والقومية، وليس الهروب والاحتماء بالهويات الفرعية أو الانحياز إليها أياً كان حاملها أو حاميها أو مدعي حمايتها أو تمثيلها، لأنه كان تاريخياً حاملاً خارجياً له أهدافه وأجنداته ومصالحه لا تلبث أن تسقط مع الزمن ويسقط معه كل من راهن عليه أو احتمى به، ودروس التاريخ تعطي الأمثلة الكثيرة على ذلك حيث تعج بها الذاكرتان القريبة والبعيدة، زد على ذلك حقيقة أن تآكل أو ضعف وتآكل الهوية الوطنية الجامعة يؤدي بالنتيجة إلى صعود للهويات الفرعية من مذهبية وعرقية وعشائرية وجهوية لا تلبث أن تتشظى إلى دوائر ضيقة بل وميكروبية تؤدي بالنتيجة إلى فرط العقد الاجتماعي الوطني وانقسام مجتمعي عمودي وأفقي وتيه سياسي وهوياتي بدون بوصلة أو نهاية نفق وقارب نجاة ولا حتى خلاصاً فردي

اضاءات- د خلف المفتاح

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة