لا يبدو أن الفضائيات تتعارك مع أحد، حتى إنها تمضي بهدوء بعيداً عن أي انتقادات تطالها من أي جهة سواء أكانت إعلامية أم ثقافية…حتى وجود الإنترنت لم يؤثر كما توهمنا، وهاهي تحاول تطويعه لخدمة كل ما يمت بصلة إلى برامجها، وإعلاناتها…ومصائر ترتشف عبرها كل ماهو غال وثمين..!
فضائياتنا العربية ومنذ حوالي عقدين مخلصة لتصوراتها وأفكارها، متماهية بعولمة فضائية، بات كل من لا ينتمي إليها، يعتبر دخيلاً..يعزف خارج الجوقة التلفزيونية، والمشكلة قد لايستسيغ مذاقه مشاهد اشتغل على تدجينه طويلاً..
دون تنمر..بهدوء وسلاسة وجاذبية لا تضاهى تدخل إلينا قانونها (البقاء للأقوى، للأعنف، للأجمل، للأغنى…)
برامج وأخبار ومسلسلات وأفلام…مضامين كلها تضخ باتجاه وحيد، ديكتاتورية فضائية تلتقط مشاهد، لاحول والقوة..سوى التأقلم مع هذه النماذج، والأنماط التي تحاول ترسيخها بما لا يقبل أي تمرد..!
حين نقبل كل هذا الضخ البرامجي، ونتأقلم معه..ما الذي تكتسبه الفضائيات…؟
لقد صرنا إلى جانبها..الراي العام بكل تنوعاته وغناه وتمرده المفروض..هو يقف كلياً إلى جانب تلك الفضائيات التي تمدنا بكم هائل من المتعة..؟
ولكن أي متعة..؟
وبأي شكل..؟
إنها المتعة المغلفة بكل ما لذا وطاب برامجيا، تأتيك عبر وجوه جميلة، أنيقة، ولكنها خالية من التعبير، ربما هي لا تنتمي لأي ضمير مهني أو إنساني، القول لمن يدفع…لا تفكر بما تقول، ولا بأثره، هي أكثر ما تشبه فيروس الكورونا الذي انتشر حولنا دون أن نتلمسه ولكن أثره التخريبي بدل كل عاداتنا وقتل الكثير منا..
هنا فيروساتهم ..تخرب وتقتل وتعيق أي انبثاقة نور في مجتمعاتنا العربية..دون أن يعمد العلماء إلى إنتاج لقاح مضاد لهذه المحطات تحديداً..مع أنها في العمق تهيئ مجتمعاتنا لكل أنواع الخراب..كان من الممكن قبل عشر سنوات أن يبدو كلامنا مجانياً..ولكن النتائج التي نعيشها اليوم، الأبعاد التي تخنقنا واقعياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً…هي أوضح دليل..وليس آخرها فيروس معولم..ولقاح مجهول…لانعرف إن كنا سنبقى أحياء حتى يصل إلينا…؟
رؤية- سعاد زاهر