المشهد في واشنطن أشد إثارة من كل أفلام هوليود …حفلة شواء (الديمقراطية) داخل الكابيتول..أي خيال قادر على رسم رحيل ترامب أوحتى خلفية هذا الرحيل وحيرة الوجه الديمقراطي أمام قتل أربعة أشخاص وجرح آخرين في مشهد واحد من مشاهد (الانتقال السلمي) بين ترامب وبايدن ….. من يتوقع نهاية كابوس العشرة أيام المتبقية لترامب يستحق في نظر نانسي بيلوسي رئيسة البرلمان أوسكاراً سياسياً…
لم تعد أميركا التي حكمها ترامب أربع سنوات قادرة على تحمله أربعة أيام إضافية …الديمقراطيون وبعض الجمهوريين يسعون لعزله قبل انتهاء ساعاته المعدودة في البيت الأبيض …بل ثمة من صرخ جردوه من الحقيبة!!
ويليام بيري وزير الدفاع الأميركي الأسبق تنبه لضرورة سحب حقيبة الرموز النووية من يدي ترامب ..هذه الحقيبة التي تدعى (فوتبول) والتي تكون عادة بيد رئيس الجمهورية قد تحول العالم إلى كرة نار في لحظات لاتزال بيد شخص أحمق في أحسن وصف له ..لماذا يكون مصير أميركا وحتى العالم بيد شخص واحد !!..إنها الصورة الأعمق لعنجهية القطب الواحد.
ليس عجباً أن يتخوف البعض من الهاوية النووية طالما أن سياسة ترامب وخلال 4 سنوات أباحت كل شيء وماجرى في عهده ما كان لغيره أن ينفذه بأقل من ثلاثين عاماً..شخصية ترامب الجدلية كانت مطلوبة من الدولة الأميركية العميقة في المرحلة السابقة لتمرير الكبائر وخاصة بملفات الشرق الأوسط ومايتعلق بالتطبيع وصفقة القرن..
ليس سهلاً أن يصدق ترامب أن دوره انتهى …لذلك يضع الجميع على شفير الهاوية أو التطبيع ..الحرب أو البقاء الترامبي …استفز إيران أكثر من اللازم فلم تذهب إلى المواجهة التي يريدها …طهران مشغولة بترتيب أوراقها القادمة واستعادة الاتفاق النووي …تضع الخيارات على طاولة بايدن ..إما الاتفاق النووي ورفع العقوبات وإما فك أي التزام وإخراج المفتشين النوويين من أراضيها طالما أن الالتزام يبقى من الطرف الإيراني فقط..
ترك ترامب لبايدن إرثاً محيراً فكل الملفات على المحك وعلى شفير الهاوية..والكل في عاصفة الانتقال بين بايدن وترامب يهيىء نفسه للمرحلة القادمة …السعودية صالحت قطر فوق تنافر الإخوان والوهابية طالما إن بايدن لايفضل خلاف الحلفاء ..واللافت أن من كانوا مدللي الرياض بالأمس لجؤوا لأردوغان اليوم …من أغرب المشاهد رئيس الوزراء اللبناني السابق (الحريري) في بلاط رجب طيب أردوغان …ثمة من يشي بالتخلي السعودي عن بعض الأدوات ليلتقطها العثماني الذي طالما حارب بالخردة السياسية وبأيدي الابتزاز وبأقدام الرقص على حبال التناقض.
حتى أردوغان اللاعب بالبيضة والحجر والذي استغل وجود ترامب لتمرير كل عملياته من(نبع السلام إلى غصن الزيتون) إلى غيرها من التسميات يحاول التصعيد في الشمال السوري وحلب الأيام الاخيرة لترامب في صحونه الاحتياطية والتشبث باحتلاله في سورية وخاصة أن بعض الميليشيات الانفصالية تلوح بصور بايدن على أنه (المخلص) من شبح السلطان..وبين كل هذه الأحلام وأضغاثها يبقى المشهد الأميركي هو الأكثر لفتا..الكل يصور ترامب على أنه الصورة الأسوأ في تاريخ أميركا ..ولكن ..ليس من رئيس أميركي يمر بلا حرب أو اتفاق وتسوية لصالح إسرائيل ..فالألبوم الأميركي عبر التاريخ لم يحمل صور أميركية ملونة سوى بالدم والخراب للشعوب من هيروشيما وناغزاكي إلى (الربيع العربي) ..فترامب لن يكون الصورة الأسوأ لكنه الصورة الأكثر دقة ووضوحاً لأهداف السياسة الأميركية وبقلم كاريكاتوري أيضاً!!.
من نبض الحدث- عزة شتيوي