يغوص المشهد عميقاً في الأبعاد التي تركها ذلك التسونامي الهائل الذي ضرب الديمقراطية الأميركية المزعومة في عقر دارها، والذي رغم توقعات حدوثه، كان مفاجئاً، وصادماً للأميركيين الذين بدوا وكأنهم في فيلم رعب طويل يلاحقهم فيه مصاصو الدماء الذين جوعهم ودربهم ترامب لهذه اللحظة.
لأول مرة ومنذ ولادة الإمبراطورية الأميركية التي قامت على المجازر والمذابح، بدأ الحديث الجدي عن دخول الولايات المتحدة في مرحلة الاحتضار، وما يثيره ذلك في العمق من جدلية المكان والزمان الذي يواكب هذا الغروب المتسارع والذي قد يكون كارثياً، ليس على أميركا وحدها، بل على العالم أيضاً.
ما حصل في الكونغرس الأميركي، وما قد يحصل في عموم الولايات المتحدة كارتدادات لهذا الأمر، لم يُظهر هشاشة الإمبراطورية الأعظم في التاريخ فحسب، بل أظهر هشاشة الذاكرة في استحضار مصير كل الإمبراطوريات البائدة برموز الطغيان والشر والغطرسة التي كانت تحكمها.
ترامب جزء أساسي من التاريخ الأميركي، وهو نتيجة وامتداد لحالة الطغيان والإرهاب الأميركية على وجه العموم، وبالتالي فهو ليس حالة فريدة في الإرهاب والإجرام الاميركي، لكنه حالة استثنائية في البلاهة والحماقة والقدرة على تحريض وتجريد وتحرير الذاكرة الإنسانية من كل قيودها من أجل استحضار كل الإجرام والإرهاب الأميركي.
أميركا ما بعد اقتحام (الغزاة الترامبيون) للكابيتول الذي لا يزال يمثل للأميركيين رمزاً للحرية والديمقراطية، ورمزاً للقتل والإرهاب لمعظم الشعوب والدول التي غزتها (الديمقراطية الأميركية)، هي غير أميركا قبل هذا التاريخ، لأن ما حدث قد شرع الأبواب على المجهول، ولاسيما أن العالم قد شاهد بأم عينيه تحطم الديمقراطية المزعومة على أيدي رموزها، فيما ما يمكن وصفه بـ(ديمقراطية الموز) التي ما تزال تمتطيها لغزو العالم والسيطرة على دوله وتدمير ونهب خيرات وثروات الشعوب.
حدث وتعليق- فؤاد الوادي