أيـلول … ينتقـي دفـاتــره

بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

ثلاثة عشر عاماً تمر على انتفاضة الأقصى، وما بقي منها لايكاد يعيد بعض سطور التاريخ على عجل وسط تزاحم مريب في سطوة الأحداث المفصلية التي تشهدها المنطقة، فيما المناخ السائد يمهّد الأرض لما هو آت بعدها وسط طيف من التقولات والافتراضات التي تتحدث بلغة الجزم الصارمة،

بأن ما جرى على مدى الأعوام الماضية لم يكن سوى قصف تمهيدي تحضيراً للتصفية الكبرى للقضية الفلسطينية.‏

قد لا تجوز المقارنة من الناحية المنطقية، لكن روزنامة الأحداث بتتابعها وعملية التسارع في التقاط ما يشي بما يقف خلفها، تدفع إلى الجزم بأن الذاكرة التي طوت حساباتها على قصاصات منسية في زوايا مهملة لا يمكن أن تبرر هذا الانزياح الخطير، الذي يوجه أعتى أعاصيره باتجاه تحييد القضية المركزية من دائرة الاهتمام، وإبعادها من ساحة المواجهة بعد أن انشغلت الأعراب في معاركها المفتعلة على عجل، ووفق أمر عمليات معد مسبقاً.‏

وهذا ما ارتبط بشكل عضوي بكل ما ينتج عنها-وربما من خلالها- من تعرجات على مسار الحدث العربي، الذي يريد أن يغيّب الذاكرة التي تنبش في أوراقها القديمة عن صحوة تعيد للوهج القومي حضوراً يستطيع عبره أن يلتقط بعض الجوانب التي تعرضت خلال عقودها الماضية لقصف متزايد بغاية مسحها كلياً عن الذاكرة العربية، وخصوصاً حين تكون مقدمة لعودة منتظرة بدأت تباشيرها بالحضور الفعلي على قائمة الأولويات الشعبية العربية، التي يبدو أنها قد أعلنت طلاقها المؤقت وربما الدائم مع أجندات تلك الأعراب.‏

على هذا المنوال تعاطى العقل العربي المغيّب وربما الكثير من مدعي صناعة القرار العربي على مدى السنوات الماضية، ولم تكن هذه المناسبات أكثر من ورقة يزيحها في نهاية العام من روزنامته المعلقة على جدار منسي، من غير المسموح له النظر إليها أو رؤيتها إلا من الزاوية التي تفرضها الأجندات الغربية، ولا أن يتعاطى معها إلا من خلال ما تفرضه من جزئيات تتقدم على العناوين، فاختلقت «قضايا مصيرية»، وأشعلت من خلفها حروب الآخرين على العرب بالوكالة عن صانعها، وتعهدت بإنجازها من حر مالها.‏

أيلول هذا العام لا يكتفي بالمرور على ذكرى الانتفاضة، كما مر في الماضي، وإن كان لا يجاهر بهذه الرغبة، حيث الأعراب التي رهنت وجودها ومصيرها على مقاس التبدلات الغربية ووفق معيار التجاذب القائم في مصالحه، تصطدم بمتغيرات لا تكتفي بإعادة التذكير بالانتفاضة التي أحيتها فعاليات فلسطينية تحت مسميات مختلفة، بل تؤكد أن المشهد السياسي يتجه نحو تجاوز الحالات المستجدة والمتورمة التي حفلت بها الساحة العربية، والتي أرادت المبازرة على الانتفاضة، والمتاجرة بقضايا الأمة والعروبة في سوق التداولات السياسية والتجريب الظالم في مناخ العلاقات الدولية.‏

لذلك قد لا تكفي المصادفة وحدها لتفسير الكثير من الشواهد على مفصلية ما جرى وما يجري في أيلول.‏

فالتاريخ أراد أن يسطر في أيلول مواعيد ينتقيها من دفاتره، سواء عبر إحياء ذكرى الانتفاضة أو من خلال استعادة الفكر القومي، وما تمثله رمزية ذكرى رحيل صاحب مقولة سورية قلب العروبة النابض جمال عبد الناصر في الوجدان الجمعي العربي، الذي يحلو له هذه الأيام أن يعقد مقارناته على وقع ما يجري من رسم لخارطة التوازنات العالمية، بعد أن سجل الصمود السوري أسطورته الجديدة باعتراف عالمي يتزايد وبإقرار ليس ببعيد للخصوم كما هو من قبل الحلفاء.‏

دفاتر أيلول المنتقاة توثق رحلة العودة بذكرى انتفاضتها ورمزية فكرها القومي.. ومواسم التوبة التي أبرمت موعداً لها في أكثر من عاصمة عربية وهي تعترف بتسرعها في قطع العلاقة مع سورية، لم يعد فيها للأعراب موضع قدم، ولا دور يمكن أن يعيدوا من خلاله الاصطفاف داخل العربة الأميركية الخاوية، مثلهم في ذلك مثل الكثير من الأدوات الأميركية في المنطقة، وقد ينسحب الأمر أيضاً على الحلفاء الغربيين الذين كانوا بعيدين عن سطور التوافق الروسي- الأميركي، ويدركون مسبقاً أنهم سيكونون أكثر بعداً إذا ما قدر له أن يُترجَم، ولو كان بعد أيلول!!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
"رعاية المكفوفين" بدمشق تكرّم اثنين من حفظة القرآن الكريم ثلاث منظومات طاقة لآبار مياه الشرب بريف حماة الجنوبي الفن التشكيلي يعيد "روح المكان" لحمص بعد التحرير دراسة هندسية لترميم وتأهيل المواقع الأثرية بحمص الاقتصاد الإسلامي المعاصر في ندوة بدرعا سوريا توقّع اتفاقية استراتيجية مع "موانئ دبي العالمية" لتطوير ميناء طرطوس "صندوق الخدمة".. مبادرة محلية تعيد الحياة إلى المدن المتضررة شمال سوريا معرض الصناعات التجميلية.. إقبال وتسويق مباشر للمنتج السوري تحسين الواقع البيئي في جرمانا لكل طالب حقه الكامل.. التربية تناقش مع موجهيها آلية تصحيح الثانوية تعزيز الإصلاحات المالية.. خطوة نحو مواجهة أزمة السيولة تعزيز الشراكة التربوية مع بعثة الاتحاد الأوروبي لتطوير التعليم حرائق اللاذقية تلتهم عشرات آلاف الدونمات.. و"SAMS" تطلق استجابة طارئة بالتعاون مع شركائها تصحيح المسار خطوة البداية.. ذوو الإعاقة تحت مجهر سوق العمل الخاص "برداً وسلاماً".. من حمص لدعم الدفاع المدني والمتضررين من الحرائق تأهيل بئرين لمياه الشرب في المتاعية وإزالة 13 تعدياً باليادودة "سكر مسكنة".. بين أنقاض الحرب وشبهات الاستثمار "أهل الخير".. تنير شوارع خان أرنبة في القنيطرة  "امتحانات اللاذقية" تنهي تنتيج أولى المواد الامتحانية للتعليم الأساسي أكرم الأحمد: المغتربون ثروة سوريا المهاجر ومفتاح نهضتها