الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
نظمت مؤسسة القدس الدولية – سورية بالتعاون مع اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية اليوم محاضرة تحت عنوان” وماذا بعد؟” ، وذلك في مركز ثقافي أبي رمانة بدمشق .
الدكتور مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية في حزب البعث العربي الاشتراكي تحدث خلال المحاضرة عن المحور الذي يقاوم أميركا ، من سورية إلى روسيا إلى فنزويلا وكوريا وإيران ، وكيف أن الصراع أصبح بين محاولات الهيمنة وضدها ، وليس صراع آيديولوجيا ، موضحاً أن الهدف في سورية كان إنهاء الدولة ، مبيناً أن قوة الشعب فرضت نفسها .
ولفت إلى أن سورية هي أول دولة عربية تتعرض لحرب إرهابية كبيرة جداً ، وصمودها رغم كل هذا الإرهاب هو ما يميزها بهذا الانفراد والتفرد ، مشيراً إلى أن سورية كانت المستشفى الذي مات فيه نظام عالمي وولد آخر منذ رفع المندوب الروسي يده للفيتو الروسي الأول في مجلس الأمن ، وبقي القرار السوري سيادياً رغم كل ما حدث ، متحدثاً عن جملة من العوامل الإيجابية منها التأكيد على وحدة وسيادة وسلامة الأراضي السورية وتحرير مناطق واسعة في سورية من الإرهاب ، والقضاء عل التنظيم الإرهابي داعش .
واستعرض دخل الله جملة من النقاط والعوامل والمتغيرات الدولية والعربية السابقة والحالية الراهنة ، وقال : سأستخدم منهجاً مقارناً نقدياً يبحث عن جوهر الظواهر السياسية ، لذلك فالقضية قضية علمية بحتة وليست قضية مواقف سياسية ، مشيراً إلى أنه في المنهج هناك مرحلتان ؛ الأولى مرحلة تشخيص الظاهرة ، والمرحلة الثانية هي إيجاد طرق للتعامل مع هذه الظاهرة أو أساليب معالجتها ، لافتاً لوجود نوعين من التشخيص .. التشخيص الذي هو توصيف الظاهرة وتشريحها ، والثاني هو التحليل .. بمعنى اتخاذ موقف يبنى على آيديولوجيا أو عقائد سياسية أو على أفكار مسبقة وتقييم ما تم تشخيصه ، وبالنسبة للمعالجة فهناك أيضا وضع الخطط واتخاذ الإجراءات التنفيذية .
وأضاف : أما الموضوع الثاني فهو حالة الوضع الدولي كيف هو اليوم ، مشيراً إلى أنه ولأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى لدينا وضع دولي ليس فيه صراع عقائدي ، بما معناه أن المصالح أضحت أولوية وليست العقائد ، فتقريباً بعد الحرب العالمية كانت العقائد أهم من المصالح كمصلحة ألمانيا الغربية أن تتعامل مع روسيا ، والآن هذه الأولوية للعقائد انتهت مئة بالمئة ، فنحن الآن ليس لدينا أي دول اشتراكية بالمعنى التقليدي .. إذاً لا يوجد جدار عقائدي وهو ما قد نجده في الحزب الجمهوري الأميركي أكثر من الحزب الديمقراطي .
وأشار إلى أن هناك سمة ثالثة مهمة جداً وهي سيطرة تقنيات العولمة حيث أصبحت هناك شركات متعددة الجنسيات تحكم العالم لها مصالح فوق قومية وهي التي تتحكم بالسياسة الدولية لدرجة أنها أصبحت تصنع الرؤساء وهو ما يحدث في أوروبا حالياً ، مشيراً إلى أن دونالد ترامب قضت عليه العولمة وأموالها وليس الناخب الأميركي ، وهي من جاءت بـ جو بايدن .
وقال : السمة الرابعة في الوضع الدولي هي التطور السريع للمعادل الثالث ويكاد يكون عاملاً أساسياً في السياسة الدولية والحرب الدولية .. وهو استخدام السايبيرية أو الكمبيوتر في السياسة والحروب كسلاح رئيسي وهو في المستقبل قد يحد من خطر الحروب .
والشيء الخامس وهو الأساسي أننا في بداية التوجه القوي نحو التبرير بدلاً من التبحير ، حيث كانت البحار هي الأهم في السياسة الدولية ، فالسيطرة عليها تعني السيطرة على السياسة الدولية ونحن الآن نرى أن الحرب على اليمن ما هي إلا للسيطرة على مضيق باب المندب وقناة السويس من الولايات المتحدة الأميركية حيث 45 % من السفن تقريباً تمر من هذين الممرين .
وأكد أن التوجه المعاكس هو التبرير لإعادة الاعتبار للبر على حساب البحر وهو طريق الحرير وإعادة الاعتبار للعالم القديم ، وهذه التوجهات هي التي تصف حالة اليوم والتي يعمل عليها .
وتحدث د. دخل الله عن سقوط ترامب وصعود بايدن وأكد أن الصراع الحقيقي هو صراع بين الليبرالية والليبرالية الجديدة ، وهو أن ترامب حاول أن يخلص الحزب الجمهوري من قوة المحافظين الجدد ومن سيطرة الليبرالية الجديدة والعودة إلى الليبرالية التقليدية ، وهو ما رفضته الليبرالية الجديدة والعولمة التي تعتبر العالم ساحة واحدة للاستثمار ، وهنا كانت انعزاليته، والثانية التي كان يبني عليها هي محاولة إحياء القومية الأميركية والتميز الثقافي والأخلاقي الأميركي وهذه عودة لليبرالية التقليدية ، وهنا كانت ثمة مواجهة صعبة مع العولمة خاصة وأن أوروبا من أشد كارهي ترامب .
وقال : نحن عادة لا نفرق بين الحزبين لأنهما أسوأ من بعضهما ، لكن بما أننا اليوم في محرقة الصراع العالمي يجب أن نفرق لأن التعامل مع كل واحد منهما يختلف عن الآخر ، والمشكلة هي في طريقة التفكير لكليهما ، فكل الحروب صنعها الديمقراطيون وكل الحروب بعد الحرب العالمية الثانية أنهاها الجمهوريون لسبب واحد بسيط أن الجمهوريين يعتبرون أن هيمنة أميركا
تتم عبر الصراع والتنافس الاقتصادي بينما الديمقراطيون يعتقدون أن قوة أميركا في العالم هي عبر الحرب والصراعات والفتن والتفرقة “فرق تسد” .
حضر المحاضرة حشد من الكتاب والصحفيين والفعاليات السياسية والمدنية