وافق مجلس الوزراء مؤخراً على إعادة تشغيل مجموعتين في محطة حلب الكهربائية الكبرى، بطاقة ٤٠٠ ميغا واط ، وأعطى مهلة حتى نهاية العام الحالي لتنفيذ هذا العمل.
عندما تم تحرير تلك المحطة، تفقدها وزير الكهرباء آنذاك وقال إنها مدمرة تدميراً منهجياً، بمعنى أنها باتت على الأرض، علماً أنها من أكبر المحطات السورية، بلغت تكاليفها في النصف الثاني من التسعينات ١،٦مليار دولار وطاقتها الإنتاجية ١٠٠٠ ميغا واط.
جرت محاولات عديدة لتشييدها من جديد، اصطدمت بنقص الموارد والإمكانات.
الْيَوْمَ ومع اشتداد أزمة الكهرباء غير المسبوقة ولاسيما في المحافظات التي كانت أقل تأثراً بالتقنين الحاد الذي لايطاق، أخذ المجلس المشروع على عاتق الدولة السورية، التي تضطلع بأعباء هائلة في تمويل الحرب على الإرهاب والصمود والمقاومة وإعادة بناء المرافق الحيوية التي دمرها الإرهابيون، وسط إحجام الرأسمال الخاص، على الرغم من أرباحه الهائلة على الدخول جدياً على خط المشاريع الاستثمارية الكبرى، وأهمها مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية وليكن عن طريق المحطات الكهرضوئية، التي تحول شمس بلادنا الساطعة، خلال أغلب أيّام السنة إلى كهرباء، من خلال محطات ذات تكاليف زهيدة بالمقارنة مع المحطات الحرارية والبخارية التي تعمل على- الفيول- أو الغاز إذا توافر (علماً أن للمحطات الكهرضوئية أهميتها البيئية الكبيرة).
للأسف، حتى الآن وعلى الرغم من جهود المركز الوطني لبحوث الطاقة البديلة، وتقديمه أفضل البحوث وإنجازه محطة كهرضوئية في قرية دير علي بأموال وزارة الكهرباء السورية، لعل القطاع الخاص يتشجع ويقبل على استثمار مفيد له وللوطن ومواطنيه، فإنه لم يفعل بما يتناسب مع إمكانياته الضخمة، ولَم يتجاوز ما يتم إنتاجه الآن من كهرباء بالطاقة البديلة في سورية ( الشمس- الرياح- الطاقة الحيوية)، لم تتجاوز الـ ٥٠ ميغا واط في حين تحتاج سورية إلى ٧٠٠٠ ميغا حالياً حسب آخر تصريح لوزير الكهرباء منذ شهرين حول هذا الموضوع، توفر وزارة الكهرباء منهم- في أحسن الأحوال ٣٠٠٠ميغا – إذا توفرت الكميات الكافية من الفيول والغاز، وإذا كانت المحطات البخارية والحرارية بجاهزية تامة.
إنه لأمر مؤسف، لاسيما وإن القوانين تجيز للقطاع الخاص، بعد بناء محطات ضخمة كهرضوئية أو ريحية، بيع الكهرباء للدولة بالأسعار التي تريحه وتلائمه وتحقق له الربح، بمعنى أن الكهرباء التي تشتريها الدولة من المحطات الكهروضوئية، لا علاقة لها بالسعر المدعوم للكهرباء في سورية، تأخذ منهم الدولة الكهرباء بسعر وتبيعها للمواطنين بسعر آخر أرخص بكثير، هو الدعم المالي للاحتياجات الحيوية للمواطنين السوريين.
وبانتظار قوانين صارمة تقلص التهرب الضريبي وتفرض ضرائب عادلة على أرباح فاحشة، ضرائب تنتبه إلى اقتصاد الظل وأرباحه المذهلة في زمن الحرب وما جنى من ثروات طائلة، ستبقى الدولة مضطرة أن تبحث عن حلول إنتاجية لتوفير مزيد من الكهرباء، تلك الطاقة التي تزداد أهمية في حياة كل الناس ولاسيما في زمن الموبايل والإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي.
إن من انتظر عشر سنوات، ينتظر عشرة أشهر اخرى، عودة ٤٠٠ ميغا واط من كهرباء محطة حلب لترفد الشبكة الكهربائية السورية وتحسن الواقع الكهربائي، علماً أنه خلال تلك الأشهر تكون أعمال كثيرة قد انجزت ( صيانة محطات- استبدال محولات – تركيب أبراج جديدة وكابلات متينة)، فالأمر ليس منسياً، وثمة جهود جبارة في أصعب ظروف الحرب والهجمات الإرهابية والإسرائيلية الغادرة والحصار الجائر ومصادرة أموال السوريين في المصارف اللبنانية وهي قوة هامة لو فعلت لكان أثرها الإيجابي كبيراً، إذ تقدر بأربعين مليار دولار، كان التجار السوريون يتصرفون بها لاستيراد بعض احتياجات سورية الأساسية.
إن معاناتنا مع الانقطاع الطويل للكهرباء مضن، لكن النصر ساعة صبر.
أروقة محلية- ميشيل خياط