الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
في وقت مبكر أشارت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي لم يتجاوز عمرها أياماً معدودة، إلى أنها تريد تمديد معاهدة ” نيو ستارت ” لتجنب رؤية آخر اتفاقية بعد الحرب الباردة وهي مجمدة، وهو حدث كان من شأنه أن يطلق العنان لكلا الجانبين الأميركي والروسي من أجل التقدم في نزع السلاح النووي منذ أواخر الثمانينيات، خفض الرؤوس الحربية النووية المنشورة لكلا البلدين من أكثر من 40000 (روسيا) و 24000 (للولايات المتحدة) إلى 1550 لكل منهما اليوم، بموجب شروط معاهدة “ستارت” الجديدة.
والآن بعد أن أعادت روسيا التوقيع على المعاهدة، علت صيحات يمكن سماعها من اليمين المتشدد الأمريكي، الذي كان يسعى لإنهاء قيود المعاهدة، لسلب مليارات الدولارات في التوسع الهائل والتحديث النووي للولايات المتحدة، جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس السابق دونالد ترامب يصف تمديد المعاهدة وصفقات الأسلحة الأخرى مع روسيا بأنها “جنة الأحمق”.
لدى نقاد المعاهدة وجهة نظر تقول إن المعاهدة المبرمة عام 2010 فيها عيوب فهي لا تغطي “الأسلحة النووية التكتيكية” الصغيرة، ولا تشمل ترسانة الصين، كما تم التفاوض عليها قبل أن تكشف موسكو النقاب عن جيل جديد من تقنيات الصواريخ والقنابل الانزلاقية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والصاروخ الباليستي العابر للقارات والمركبة الانزلاقية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والتي يخشى الكثيرون من أن تهزم أي نظام دفاعي موجه ضدهم.
أخيراً، يجادل النقاد بأن آليات التحقق الخاصة بالمعاهدة قد أعيقت بسبب زوال معاهدة القوى النووية متوسطة المدى في عام 2019 ، وهي معاهدة تعود إلى حقبة رونالد ريغان والتي انهارت عندما اتهم كل طرف الطرف الآخر بارتكاب انتهاكات، معاهدة INF، التي اشتهرت بإجبارها على سحب صواريخ SS-20 السوفييتية وصواريخ Pershing II النووية من أوروبا في أواخر الثمانينيات.
في المحادثات المتكررة والمتقطعة خلال سنوات ترامب، أشارت روسيا إلى استعدادها لقبول التنقيحات على المعاهدة بدلاً من رؤيتها تسقط، بما في ذلك من خلال عرض إدراج أسلحتها الجديدة في صفقة نووية أعيد التفاوض بشأنها، بل إن موسكو اقترحت أنها ستدعو بكين للمشاركة، لكن إدارة ترامب لم تشارك بجدية في المحادثات بشأن هذه المراجعات، حيث ركزت على تجديد أقصر لستارت الجديدة لمدة عامين (دون جدوى) وقضت سنوات في محاولة إقناع الصين بإخضاع ترسانتها للمعاهدة، (حتى الآن لا اتفاق مع الصين).
في النهاية ، ومع تحول من عام 2020 إلى عام 2021، قدم فريق ترامب للإدارة الجديدة شهرًا واحدًا إما لترك المعاهدة تنقضي أو لتجديدها، وبحلول الوقت الذي أدى فيه بايدن اليمين، كان أي نفوذ يعتقد فريق ترامب أنه يمتلكه على روسيا قد تلاشى، حيث يمكن لروسيا ببساطة رفض أي شيء أقل من تجديد المعاهدة لمدة خمس سنوات جديدة.
لكن ربما هذا ما أراده ترامب طوال الوقت، فطوال فترة رئاسته اعترف ترامب وكبار مساعديه للأمن القومي باستعدادهم لرؤية انتهاء صلاحية المعاهدة حتى تتمكن الولايات المتحدة من مواصلة توسيع قدراتها النووية في القرن الحادي والعشرين، في الواقع، حتى عندما كتبت إدارة ترامب إن صواريخ روسية جديدة تفوق سرعتها سرعة الصوت كمناورة تهدف إلى إجبار الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات ورفضتها باعتبارها مكلفة للغاية بالنسبة لروسيا لنشرها بأعداد كبيرة، في عامي 2019 و 2020 خصصت ما يقرب من 2.9 مليار دولار للإصدارات المحلية سنويًا.
من المرجح أن تقوم الإدارة الجديدة بتخفيض هذا الإنفاق بشكل كبير وسط جدل مستمر حول ما إذا كانت الأسلحة الروسية الجديدة مجرد ضجة لا أكثر، وقد أثار اثنان من علماء الأسلحة النووية المشهورين شكوكًا بشأن بعض المزاعم التي قدمتها روسيا بشأن أسلحتها الجديدة، في إشارة إلى الجدل الداخلي الدائر داخل البنتاغون حول تقنيات تفوق سرعة الصوت، وتسود الشكوك حول الصين أيضًا، حيث يشك العديد من خبراء الحد من التسلح في أن الصين ستستفيد من التزامات “نيو ستارت” للحاق بالترسانتين الأمريكية والروسية.
ظلت ترسانة الصين النووية صغيرة، حوالي 300 رأس حربي من أنواع مختلفة، لمدة عقدين على الرغم من قدرتها الواضحة على زيادة الإنتاج، ولذلك فإن السماح بانتهاء صلاحية معاهدة “ستارت” الجديدة، مع التعزيزات الحتمية التي ستنجم في كل من روسيا والولايات المتحدة جراء ذلك، سيجبر الصين على مواجهة منافسيها.
من خلال قرار تجديد المعاهدة، رفض بايدن ووزير خارجيته الجديد أنتوني بلينكن هذا الاحتمال، ويقول كبار المسؤولين في الإدارة إنهم يأملون في استخدام التمديد لمدة خمس سنوات لمعالجة أوجه القصور في المعاهدة ولإقناع روسيا بتجنب سباق تسلح لا يمكنها أن تفوز به من خلال الانضمام إلى معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، وقد يتم الدفع بمحادثات منفصلة مع الصين، ربما تشمل قوى نووية أخرى معترف بها مثل فرنسا والمملكة المتحدة والهند وباكستان، كطريقة لتوسيع المعاهدة، على الرغم من أن معظم المحللين يرون أن مثل هذه الخطط تتساوى مع إصلاح مجلس الأمن، الإدارة الجديدة الأمريكية والإدارة الروسية يبدو أنهما يريدان السلام مع المعاهدة على مدى السنوات الخمس المقبلة.
بقلم: مايكل موران