حتى اللحظة تبدو الحيرة هي خريطة الملامح على وجوه المنتظرين لسياسة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن في سورية، لدرجة أن هناك من خمن بأن واشنطن ستغير فعلاً في سياستها، فارتدى زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني بزة دبلوماسية وأعاد ترتيب حلته الإرهابية بطريقة عصرية علّه يحول (جبهة النصرة) إلى حزب سياسي، ويقدم أوراق اعتماده للرئيس الجديد، وخاصة أن بايدن قال: إن (أميركا عادت وعادت الدبلوماسية) فتلقّف زعيم جبهة النصرة الرسالة بأن مشاهده الإرهابية باتت فيلماً قديماً عليه تلوينه بربطة العنق، ليجد لجبهة النصرة كرسياً سياسياً على طاولة بايدن حول سورية.. وليس تخمين الجولاني مستحيلاً في ذاكرة السلوك الأميركي طالما أن واشنطن فعلتها سابقاً، وحولت طالبان من حركة إرهابية إلى طرف سياسي يرتدي الزي الدبلوماسي فوق الحزام الناسف وعقلية العصر الحجري، وينظم عملية التكفير بما يتلاءم مع السياسة الأميركية والأهداف الغربية.
ثمة من يرى حتى أميركياً خاصة ممن يسمون أنفسهم (مجموعة الأزمات الدولية) في واشنطن أن على بايدن إعادة تعريف مكافحة الإرهاب، وأعراب أبو محمد الجولاني بأنه (فاعل سياسياً) ورفع الضم لجبهة النصرة على قائمة تصنيف الإرهاب في العالم والإعفاء عما مضى من التفجيرات والتفخيخات والجثث التي تطايرت أشلاءً بحجج الدفاع عن (الحريات) وإقامة إمارة الجولاني الموالية لفرع القاعدة وفروع المخابرات الأميركية!!.
ليس الجولاني وحده في ساحة الانتظار لسياسة بايدن، فهناك في الشمال السوري وخاصة الشرقي منه ميلشيات قسد التي زامنت دخول بايدن إلى البيت الأبيض بحصار الحسكة وإرهاب المدنيين هناك، مستندة إلى أنها الطفل المدلل للرئيس الأميركي الجديد، وبأنه يحب من الأدوات الانفصالية أكثر من أردوغان، لدرجة أن العثماني بدأ يأكل أغصان الزيتون غيظاً، يبتلع عمليات ينابيع السلام وغيرها في سورية، لكن هناك من خيب آمال قسد كوليام روباك الذي قال: إن أحلام قسد في الانفصال خلبية، وهذا طبيعي طالما أن قسد هي ذيول الاحتلال الأميركي التي ستنهار بخروجه كما سينهار أردوغان في الشمال الذي يسوق لاحتلاله تارة بالإرهاب وتارة أخرى بفرض الكتب والمناهج التي تسوق لعثمانيته ظناً منه أنه يسابق الزمن في محو التاريخ وتزويره وإخفائه تحت طربوشه الجديد.
الكل في انتظار سياسة بايدن، وثمة فريق أميركي من مسؤولين سابقين في الإدارة الأميركية يكتب المقالات المتناقضة عما يحب أن يفعله بايدن إزاء سياسة أميركا الفاشلة في سورية.. ثمة من نصحه بالانسحاب وترك الملف السوري للسوريين وحلفائهم الذين انتصروا في الميدان.. حتى السفير الأميركي السابق ربورت فورد الذي قاد التظاهرات المسلحة بنفسه وصل لنقطة يأسه وقال: على بايدن الانسحاب من سورية فوجودنا بلا جدوى… ثمة الكثير من الآراء ولكنها السياسة الأميركية التي لا تتغير في ولائها لإسرائيل، وما سيفعله بايدن سيأتيه بإشارة مباشرة من نتنياهو، لذلك لن تهتم دمشق كثيراً بما ستكون عليه سياسة بايدن، فالإنجاز والانتصار في الميدان السوري أفشل كل السياسات الأميركية، والاستحقاق السوري القادم سيكون كلمة السوريين الرادعة لكل من يسعى للتدخل في الشؤون الداخلية لوطننا.
من نبض الحدث – كتبت عزة شتيوي