الثورة أون لاين- ترجمة غادة سلامة:
بعد ثورتها عام 1949، تبنت الصين أنموذجًا اقتصاديًا جديدًا وقوياً اعتمد على الاحتياجات الأساسية للسكان بدلاً من الربح، وقد أدى هذا التحول الحيوي والاستراتيجي في السياسة الاقتصادية الصينية إلى انتشال أكثر من مليار شخص من براثن الفقر, وذلك من خلال تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وتحفيز القوة الشرائية للناس العاديين من ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي جعل الاقتصاد الصيني مارداً حقيقيا يسيطر على السوق العالمية، حتى إنه أصبح ينمو بسرعة كبيرة متجاوزاً اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة تفوق 25% وبذلك أصبحت الصين قوة اقتصادية عظمى في فترة قصيرة متقدمة على الولايات المتحدة التي شهد اقتصادها كسادا حقيقيا خاصة في ظل انتشار وباء كورنا.
لقد غيرت الصين بالفعل ميزان القوى العالمي من خلال استخدام عدة معايير مثبتة تاريخياً لتحقيق حلم الصين بالتفوق الاقتصادي، فمعايير النموذج الاقتصادي الصيني تعتمد على أولوية الاحتياجات مقابل أرباح الشركات، فاقتصاد الصين مثل أي اقتصاد هو اقتصاد سوق يعتمد على الربح ولكنه يراعي بالدرجة الأولى مصلحة الناس، لأن الهدف الأساسي للصين هو تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، في حين إن الهدف الرئيسي للاقتصاد في الولايات المتحدة هو الربح فقط بغض النظر عن احتياجات الناس، وهذا يعني أن الصين طورت خططًا تستند إلى توفير الاحتياجات الأساسية، في حين أن الولايات المتحدة اعتمدت على خطط هدفها في المقام الأول تحقيق أرباح الشركات الخاصة وحماية أرباحها ومصالحها ضاربة بعرض الحائط مصلحة شعبها.
أما الفرق الثاني بين الاقتصادين فهو الملكية العامة للاقتصاد في الصين مقابل الملكية الخاصة للاقتصاد في الولايات المتحدة، لأن الموارد الطبيعية (الأرض والنفط والغاز والمعادن الأخرى) مملوكة بشكل أساسي لشركات خاصة مقارنة بالصين حيث جميعها مملوكة للقطاع العام، حيث تنظم الحكومة الصينية الشركات الحكومية الكبيرة وذات الربحية العالية والتي تشرف على القطاعات الاقتصادية الرئيسية لخدمة ورفاهية شعبها, فهي لا تشجع الملكية الخاصة للمؤسسات وذلك للحد من تراكم رأس المال الخاص، فغالبية البنوك في الصين مملوكة ملكية عامة، بينما في الولايات المتحدة، جميع البنوك باستثناء واحد هو نورث داكوتا مملوكة للقطاع الخاص، حيث يكون الربح هو المسيطر على المشهد الاقتصادي الأمريكي، بدلاً من الاستجابة لاحتياجات المجتمع بما في ذلك الإسكان والرعاية الصحية والتعليم.
تاريخياً، عانت الولايات المتحدة من الكساد الاقتصادي والعديد من فترات الركود كل أربع سنوات تقريبًا, وكان الكساد الكبير الذي بدأ في الولايات المتحدة أسوأ وأكبر كارثة اقتصادية في التاريخ، مع تخفيضات واسعة وكبيرة في الإنتاج والتوظيف، وانتشار الفقر، والاضطرابات الاجتماعية، والتفكك الأسري، والانتحار، والقتل، وأدى الكساد الاقتصادي في كثير من الأحيان إلى حروب واسعة النطاق بين المتنافسين من الصناعيين على الأسواق في الولايات المتحدة، وتجلت أكبر وأضخم هذه الأزمات الاقتصادية عند ظهور وباء كوفيد -19 أو ما يسمى بالفيروس التاجي الذي خلف وراءه الملايين من العاطلين عن العمل والملايين من المتشردين الذين أصبحوا بدون مأوى نتيجة عجزهم عن دفع الإيجارات المترتبة عليهم .
أما الصين فقد استطاعت التقليل من أثار انتشار الوباء والحد من تأثيره على الشعب الصيني لأن جميع الأراضي في الصين مملوكة للقطاع العام، ولا يُسمح للشركات والأفراد بامتلاك الأرض، وهذه السياسة جعلت الإيجار المطلق صفريًا، والإيجار التفاضلي والاحتكاري منخفضًا بسبب الملكية العامة للمؤسسات, فقد استطاعت الصين تنظيم سوق الإسكان، واستطاعت أن تجعل أسعار المساكن لذوي الدخل المنخفض بسعر التكلفة مقارنة بالولايات المتحدة.
وكذلك الرعاية الصحية الصينية مملوكة للقطاع العام أيضا إلى حد كبير، حيث يتم توفير الرعاية الصحية لأكبر عدد من الناس، وتشير المؤشرات إلى أن سرعة التحسن في الرعاية الصحية في الصين هي أسرع بكثير من الولايات المتحدة، وهذا ما تؤكده سرعة تعافي الصينيين من وباء كورنا Covid-19 .
ويعتبر التعليم في الصين منفعة عامة، وهو إلزامي ومجان لمدة تسع سنوات ومتاح لكافة شرائح المجتمع على عكس الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتمد على التعليم الخاص لتلاميذها وطلابها.
عن موقع
Information clearing house