وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يمتنع عن تأييد اعتراف دونالد ترامب بضم الجولان السوري المحتل إلى الكيان الصهيوني، ولكنه في الوقت ذاته أبدى انحياز إدارة بايدن الكامل لحكومة العدو لجهة استمرار احتلالها للجولان بذريعة حماية أمن كيانها الغاصب على حد زعمه، فما الفرق إذاً بين خطوة ترامب المشؤومة، وبين “تحفظ ” الإدارة الأميركية الجديدة؟، فكلاهما يعبران عن الالتزام الأميركي بدعم المشروع الصهيوني التوسعي، ولماذا لم يعلن بلينكن بدلاً عن ذلك، تراجع إدارة بايدن عن خطوة الاعتراف الأميركية تلك تكفيراً عن أخطاء سياسة ترامب، وإثباتاً لنيتها بالعودة إلى احترام قرارات الشرعية الدولية والالتزام بها؟.
سورية بكل تأكيد لا تعنيها تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن الجولان المحتل، فهي لن تغير شيئاً من حقيقة أنه أرض سورية محتلة، ستعود إلى حضن الوطن، شاءت حكومة الاحتلال أم أبت، ولكن تصريح بلينكن لن يغير على الإطلاق حقيقة الدعم الأميركي المستمر لكيان الاحتلال، وهو ربما يصب في خدمة المخطط الصهيوني لجهة محاولة ابتزاز سورية ومساومتها بأرضها لتقديم تنازلات بإطار “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، والانخراط في مسار التطبيع المجاني مع العدو الصهيوني، وهذا ما تدل عليه إشارة بلينكن بقوله:” الأسئلة القانونية حول الحق في الأرض هي شيء آخر، ويجب فحصها مع مرور الوقت”، فلم يسبق للولايات المتحدة أن ساعدت في تطبيق القانون الدولي إذا كان الأمر متعلقاً بالاحتلال الصهيوني وسياساته التوسعية، أو حيال الجرائم التي يرتكبها بحق شعوب المنطقة.
سبق لإدارة بايدن وأن أكدت التزامها الكامل بمواصلة دعم الكيان الصهيوني، وهي في الواقع لا يمكنها التخلي عن هذا التزام باعتبار أن هذا الكيان يعد بمثابة قاعدة إرهاب متقدمة لها في المنطقة، ويمكن أن يكون تصريح بلينكن مجرد نوع من الضغط على نتنياهو انتقاماً لسياسته الصدامية التي انتهجها مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وكان بايدن نائبا له، ولو كان الأمر غير ذلك لكانت تراجعت هذه الإدارة عن القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب لمصلحة الكيان الصهيوني، كضم الجولان السوري المحتل، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، أو شرعنة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، ولكن بلينكن أعلن بكل وضوح أن هذه الإدارة لن تتراجع عن تلك القرارات، وهي بكل تأكيد تعتبرها مكاسب إضافية لكيان الاحتلال يجب دعمها والبناء عليها.
الولايات المتحدة لم تتخل يوماً عن دعم سياسات حكومة العدو الصهيوني إزاء الجولان السوري المحتل لفرض مخططاته التهويدية، وهي تقود اليوم دفة الحرب الإرهابية على سورية بهدف تكريس واقع الاحتلال وشرعنته، ولكن مهما أوغلت حكومة الاحتلال بممارساتها الإجرامية، ومهما تمادت إدارات الإرهاب الأميركية بدعمها، فإن الجولان سيعود عاجلاً وليس آجلاً، بكل الوسائل المشروعة التي يكفلها القانون الدولي، وسورية لن تتوانى عن بذل الغالي والنفيس من أجل تحرير كل شبر منه، وحقّها باسترجاعه أبدي لن يخضع للمساومة أو التنازل، ولا يسقط بالتقادم.
البقعة الساخنة- ناصر منذر