الثورة أون لاين-ناصر منذر
حقوق الإنسان هي آخر هم يشغل بال الإدارات الأميركية، والعالم يدرك حقيقة أن الولايات المتحدة هي أكثر دولة تنتهك هذه الحقوق، واليوم تريد إدارة بايدن تجميل الصورة الأميركية القبيحة، فأعلنت نيتها العودة لمجلس حقوق الإنسان، بعدما انسحبت منه إدارة ترامب بمزاعم (انحيازه) ضد الكيان الصهيوني، والمفارقة أن الإدارة الجديدة ستعود للمجلس لنفس السبب، المتمثل بالدفاع عن الممارسات العنصرية للكيان الغاصب، والعمل على تبرير جرائمه المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وقالها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بكل صراحة ووضوح: (سنعمل على التخلص من التركيز غير المتناسب على إسرائيل في المجلس)، وهذا يثبت أن طلب واشنطن لإعادة شغل مقعد في المجلس مرتبط بأجندات سياسية، ولا علاقة له بنية العمل على حماية وصون حقوق الإنسان في العالم.
السجل الأميركي الحافل بالجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، لا يخول الولايات المتحدة الحديث عن حقوق الإنسان، هي فقط تستخدم إلى جانب حلفائها الغربيين مجلس حقوق الإنسان، وآلياته منصة عدوان من نوع آخر ضد كل الدول التي تناهض سياساتها القائمة على الهيمنة والتسلط، فتوجه اتهامات باطلة لتلك الدول بانتهاك حقوق الإنسان لإيجاد ذريعة للتدخل السافر في شؤونها الداخلية لزعزعة استقرارها وتقويض أمنها، واتخاذ تلك الذريعة كورقة ضغط وابتزاز، وقد يصل الأمر إلى شن عدوان عسكري عليها.
إدارة بايدن تريد العودة لمجلس حقوق الإنسان، ليس من أجل تصحيح أخطاء الإدارة السابقة، وإنما لإعادة هذا المجلس إلى وصايتها، كسائر المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، أما حديثها عن حقوق الإنسان فتكذبه انتهاكاتها الجسيمة والممنهجة لتلك الحقوق والتي تطول معظم شعوب العالم، ويكفي سلاح العقوبات الجائرة الذي تشهره ضد العديد من الدول ليكون دليلاً واضحاً على مدى تجاوز واشنطن لكل القوانين والأعراف الدولية، والمعايير الأخلاقية والإنسانية، وفي سورية على سبيل التأكيد، فإن التشدق الأميركي بحقوق الإنسان يكذبه سياسة دعم الإرهاب، وما يسمى قانون (قيصر) الذي يعد جريمة إبادة جماعية، يكشف مدى الانحدار الأخلاقي والسياسي الذي وصل إليه المسؤولون الأميركيون، الذين لا يقيمون أي وزن للقيم الإنسانية، وهذه الإدارة تستكمل اليوم سياسة الحصار الخانق بحق الشعب السوري رغم إدانة العديد من دول العالم لهذه العقوبات، ومطالبتها برفعها فوراً باعتبارها جريمة ضد الإنسانية وانتهاك فاضح للقانون الدولي بشقيه الإنساني والسياسي.
الجرائم الأميركية بحق الإنسانية أكثر من أن تعد أو تحصى، وواشنطن لم يعد بمقدورها التذاكي على الشعوب، بعدما ثبت زيف شعاراتها الإنسانية، فحتى مواطنوها لم يسلموا من جرائم إداراتها المتعاقبة، وممارسة مسؤوليها لأبشع أشكال التمييز العنصري بحقهم، وجريمة مينابوليس العنصرية وما رافقها من تداعيات وسلسلة جرائم أخرى، لم تزل ماثلة أمام العالم، ولا نعتقد أن أكاذيب أميركا بشأن حقوق الإنسان يمكن أن تنطلي على أحد مجدداً، فهي المثال الصارخ لمن ينتهك تلك الحقوق، ولا حاجة للتذكير بأنها قامت في الأساس على ثقافة القتل والإبادة الجماعية لسكان البلاد الأصليين.