لقد كان تايلر أوّل من وضع تعريفاً لمصطلح الحضارة، وفيه يقول إنّ الحضارة هي ذلك المركّب الذي يشتمل على المعرفة، العقيدة، الفن، الأخلاق، القانون، العادات، وكلّ مايكتسبه الإنسان من قدرات وعادات أخرى كعضو في المجتمع…
هذه هي الحضارة التي تحملها كلّ لغة وتعبّر عنها وتحفظها وتصونها دون إلغاء لأيٍّ كان… ومع الاحتفاء باللغة العربية مرّة كلغة أم وأخرى بيومها العربي والعالمي تراني في كلّ المجالس أحمل لواء تمكينها ككلّ المحبين للغة العربية والهوية الوطنية، وأكثر مايحزنني مناقشة البعض في تسمية برامجهم الإعلامية المحلية بلغات أجنبية دون أدنى إحساس بالمسؤولية، وأحار في أصحاب المحال التجارية والشركات الصناعية التجارية المحلية في إضاعتهم فرصة إثبات الهوية والعلامة التجارية أو الصناعية بلغتهم العربية التي هي بالأساس لغة عالمية…
وإذا ماناقشنا تعريف الحضارة بحسب تايلر نجد المعرفة العربية جديرة بالثقة والتواصل الذي استمر لقرون بالعربية وبقيت مصدراً أساسياً لعلوم ومعارف الغرب والشرق..
أما العقيدة التي اعتقد بها أكثر من ثلثي العالم كانت العربية لغتها (الإسلام والقرآن الكريم).
والفن والأخلاق ترجمهما العالم عن علماء العربية وأصبحت ممارسة فعلية في العديد من البلدان والحضارات وتاريخ التراث الإنساني يشهد بذلك، وبكل أسف يأتي التقليد الأعمى لكلّ دخيل فني وثقافي غربي دون أدنى محاكمة منطقية لما يُشاع في بنيتنا وبيئتنا الأخلاقية…
أمّا في القانون فحدّث ولاحرج، عند محاججتي لكلّ الذين يستخدمون غير العربية في الإعلام والثقافة وغيرها الكلّ أجمع على أن ليس باستطاعتي فعل شيء، وبالفعل لايوجد قانون رادع لكلّ هؤلاء، وإلى اليوم لم تستطع لجان تمكين اللغة العربية ووزارات الثقافة والإعلام من سنّ تشريعات وقوانين صارمة ورادعة لا توفر العقوبات لكلّ من ينتهك حرمة اللغة العربية ويتعداها إلى غير لغات من المستهترين إلا في حالات الضرورة وعدم إيجاد البديل العربي وأنا أجزم أن العربية تستوعب كلّ ماهو عصري وحديث…
أما عن اكتساب الإنسان للقدرات والعادات الأخرى كعضو في المجتمع فهذا يزيد من قدراته وتطوره الفكري والإنساني ويزيد من مسؤولياته تجاه لغته كحاضن أساسي لكلّ علومه وفنونه وتطويرها بذات اللغة (العربية) التي شكلّت تكوين معارفه الأولى والتي ستبقى الحاضن الأساس لقوميته ووطنيته التي يحاول أعداء الأمة تفكيكها بشتى الوسائل لأنها طريقهم لمحو آثار الحضارة العربية…
رؤية- هناء الدويري