“عرّاب المحبّة ” وإرساء قواعد الإنسان

الثورة أون لاين – رنا بدري سلوم :

ليست مجرد قصص من نسج خيال كاتبها بعباراتٍ وجدانية رمزية تحث القارئ على الولوج في الخيال ، بل هي حقائق قد نعرفها للمرة الأولى عن حياة المغتربين السوريين المهاجرين المنسلخين جسداً عن سوريتهم إلا أن حبلهم السرّي لا يزال يربطهم بالأرض التي يعشقون ، ولن تنسيهم الحياة الرغيدة في بلاد المغترب رائحة ياسمينها وعبق تاريخها العريق ، فكما أنهى الكاتب والزميل يعقوب مراد كتابه “عرّاب المحبة” بوصية لأبنائه : ” لو جاء يومي و شعرتم أن قلبي سيتوقف ، وعجز الأطباء وسلموا أمري لله وأنه آن الأوان أن تودعوني الوداع الأخير وصيتي لكم : أن تذكروا اسم الشام على مسامعي ، ستعود روحي إليّ لأن الشام روحي وسينبض قلبي من جديد أحبكم كما أحب الشام” .
يتصببُ وجهك عرقاً وأنت تقرأ قصصاً واقعية كان الكاتب حلقة وصل فيها ، وأحياناً قرار فصل ، كقصة ” إلى الذين حاولوا قتلي ” ” تحت جنح الظلام حاولوا قتلي وأوسعوني ضرباً وشتماً ورموني أرضاً وركلوني بأقدامهم وأوجعوني وبصقوا عليّ ولم يكتفوا بل شهروا سكيناً في وجهي وأقسموا أن يذبحوني لأني خنزير ، ولكنهم تركوني مخبطاً بدمي وهربوا عند مرور سيارة بالقرب مني” .
وما مر به الكاتبُ من محاولات كثيرة من مدعي الحرية باستغلال قلمه وعلاقاته في سورية وأوروبا باعتباره مؤسس ومدير مركز التوازن الإعلامي في السويد ، لأنه المعروف بولائه لسوريته محدثاً قراءه بقصة ” لن أخون وطني ” .
لم يكن “سفير السلام ” يدافع عن ضحايا الحروب والمهاجرين في بلاد المغترب وحسب بل عن كل من يطلب منه المساعدة كالقصة الحقيقية ” أول ضحايا الفيس بوك / كيبورد/ ” ليكون فيها المرشد الاجتماعي لمراهقة كانت ضحية لصديق فيسبوكي قد اغترت به فوعدها بالزواج ، لكنه يبيع جسدها لثلة من مدمني المخدرات فتقرر الانتحار وترسل للكاتب مراد إيميل تكتب قصتها وترسل عنوان الشاب وأهلها ، وترمي بنفسها من الطابق 11 بتواجد المزعوم لتتهمه برميها محاولة الانتقام منه ، من ثم يتحرى الكاتب مع الشرطة السويدية تلك التفاصيل ويتواصل مع أهل الضحية لينال المجرم جزاءه .
إن النفحة الإنسانية التي غلبت على القصص هي نفحة كاتب غيّور متجذر في مجتمعه وعاداته وتقاليده وهذا ليس غريباً وهو الباحث الاجتماعي الذي يخيط من لسان حال مجتمعه حكايا يستخلص منها عبرة وقصصاً أخرى يضع فوق عناوينها خطاً أحمر ، كي ندرك التغيير والوعي ، يقول : “حين كتبت عبارتي الشهيرة المجتمع المتخلف هو المجتمع الذي يعترف بالحب كوسيلة من وسائل الحياة العصرية ولايعترف بفشل هذه العلاقة بحيث يُبرِّئ الرجل ويُحمِّل المرأة المسؤولية ، ويجعلها وحدها التي تدفع ثمن الفشل” كان ذلك في بداية الثمانينات تعرض وقتها مراد إلى الانتقادات الشرسة من الذين انتقدوه وكان أغلبهم رجال شعر يومها ، وكأنه يسبح وحده عكس التيار في بحر هائج ومتلاطم ومليء بالحيتان والأفاعي من الذين يرفضون أن يمرروا أي شيء ينقص من كرامتهم ورجولتهم المنحصرة في كلمتهم ، فما يطلبه مراد للمرأة ما يطلبه لأمه أو أخته .
ومن الملفت في مجموعة “عرّاب المحبة” طباعة الهيئة العامة السورية للكتاب الجزء الذي يسلط الكاتب فيه الضوء على النجوم السوريين الذين قابلهم في بلاد المغترب بحكم عمله الصحفيّ فعرّفنا على ثلاثة عشر فناناً بطريقة لاتشبه الطرق التقليدية التي عهدناها ، مخصصا لكل نجم تعريفاً خاصاً به ، وعلى سبيل الذكر وليس الحصر لقاؤه بالمصادفة مع الراحل المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد حين قال لمراد : “سأروي حادثة صغيرة ، جرى مؤخراً في الهند،  منذ نحو الشهرين تقريباً ، عرض فيلم ” عمر المختار” هناك وبالتحديد في منطقة كشمير ، ولاقى نجاحاً رائعاً حيث أقبلت جموعٌ غفيرةٌ من القرى والمناطق لمشاهدة الفيلم ، لأنه في الهند لا توجد سينما في كل منطقة أو حي وبعد الانتهاء من عرض الفيلم خرجت الجموع في مظاهرات تندد بالمستعمر فأحرقوا الأعلام التابعة للدول الإمبريالية لأن الفيلم ذكرهم ببطل هندي اسمه / محمد عبدالله/ وكانت النتيجة أن الحكومة الهندية منعت عرض الفيلم فغضب الشعب وأحرق دار السينما ، يبدو أن الفيلم أثر في الشعب الهندي أكثر من تأثيره في الشعب العربي !” .
وكي لا نغبن من كان لها الفضل في بناء شخصية كاتب ٍ يؤمن بقضايا الإنسان والأوطان هي والدة يعقوب مراد الذي قدم بها مجموعته “يوم حملتني أمي” “ستذهب إلى المدرسة كل يوم حتى لو حملتك على ظهري وهذا ما حدث فعلاً ، تلفّني ببطانية مرقّعة لتحميني من البرد وليسهل عليها حملي ورغم ذلك كنت أراها تمشي بصعوبة لتتجاوز برك الماء المتجمعة لتدوس على الوحل بجزمتها البلاستيكية السوداء وكان المطر يباغتنا أحياناً ، فتمشي قرابة ألف متر ، هذا الموقف ترك في نفسي إصراراً لأنجح فكل نجاح لي سيكون ابتسامة فرح في قلب أمي”

آخر الأخبار
مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا