الثورة أون لاين – دينا الحمد:
الحرب العدوانية التي شنتها الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة والغرب على سورية لم تترك منذ عام 2011 وحتى اليوم وسيلة إلا واستخدمتها، من العدوان العسكري المباشر، إلى الإرهاب الاقتصادي، مروراً باستخدام الإرهابيين لنشر الفوضى الهدامة، وصولاً إلى ممارسة التضليل وتسييس عمل المنظمات الدولية وتحويلها إلى منصات هجوم لإدانة الدولة السورية وتشويه صورتها، وانتهاء بتدمير حضارتها وسرقة آثارها.
فلم تكن منظومة العدوان تريد قتل السوريين وتهجيرهم ومحاولة تقسيم وطنهم وتفتيته إلى كانتونات ضعيفة على أسس عرقية وطائفية بغيضة فقط بل حاولت بكل جهودها أن تدمر حضارتهم وتسرق آثارهم وتطمس تاريخهم العريق، والأدلة هنا أكثر من أن تعد وتحصى.
فكم قامت قوات الاحتلال التركي بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار في المناطق التي تحتلها، وكم سرقت الماثل أمامها وما فعلته في حلب خير شاهد، وكم رأينا مرتزقتها وهم يسرقون الآثار ويهرِّبونها إلى الخارج، وقد شاهدهم العالم وهم يدمرون قلاع المدن المنسية في إدلب وينهبون محتوياتها الثمينة.
وكم مرة قام تنظيم “داعش المتطرف” بنسف آثار تدمر الخالدة، وقد شاهد العالم إجرامه بحق علماء الآثار حين أقدم إرهابيوه على قطع رأس مدير آثار تدمر وعالم الآثار خالد الأسعد، وكم وثقت القنوات الفضائية والتقارير الصحفية قيام التنظيمات الإرهابية بتدمير الآثار في هذه المنطقة أو تلك، وهدم مرتكزات حضارتها وسرقة ما خف حمله وغلا ثمنه من تلك الآثار، وتهريبها إلى الخارج بإشراف مباشر من قبل قوات الاحتلال الأميركي والتركي.
ويكفي أن نشير هنا إلى قيام الإرهابيين بنهب محتويات كنيسة (مار توما) ومقتنياتها الأثرية في منطقة رأس العين في الجزيرة السورية وكيف فجر هؤلاء أعمدة تدمر الخالدة ومعابدها، ليتأكد للعالم كله أنهم ينفذون أجندات المحتل الصهيوني لطمس هويتنا وحضارتنا وتدميرها، وقبلها كيف دمر الإرهابيون الكنائس والمساجد والأسواق الأثرية في حلب وحمص وما فعلوه بالمسجد الأموي بحلب وكنيسة أم الزنار في حمص الشاهد.
من هنا رأينا المحتلين الأميركيين والأتراك يسارعون لتنفيذ أجندات الكيان الإسرائيلي ويقومون بتسهيل نهب الإرهابيين لآثارنا وتهريبها إلى الخارج كي يطمسوا تاريخنا وحضارتنا ويحاولوا أن يجدوا لكيانهم السرطاني المصطنع إرثاً مزوراً ليثبتوا أنه من نسيج منطقتنا مهد الحضارات.
وبعد كل هذا التدمير الممنهج للآثار السورية وسرقتها وتهريبها للخارج فإن ما يسمى المجتمع الدولي ومؤسّساته وهيئاته المختصة، ظلت تتفرج وهي نائمة مع أنها تدَّعي ليلاً ونهاراً حرصها على حماية التراث الإنساني برمته، لأن واشنطن ومن خلفها حكومتها العميقة واللوبي الصهيوني داخلها لا يسمحون لها بالتحرك لوقف هذه الجرائم الموصوفة.