الثورة أون لاين :
منذ أن كان الكلام كان السرد وكان اللغو فيه وكذلك المفيد ولكنه أي السرد ازداد بعد أن ابتكر الإنسان أدوات الانتشار والتوثيق من الكتابة إلى كل ما يجعل السرد منتشرا .
فكيف به في عصر الإعلام والإعلان . السرد في وسائل الإعلام عنوان فرعي مهم جدا في كتاب وسائل الإعلام والمجتمع لمؤلفه آرثر بيرغر والكتاب صادر ضمن سلسلة عالم المعرفة عام ٢٠١٢م في الصفحة ١٥٧ هذا العنوان الصغير، السرد في وسائل الإعلام، من المهم ونحن نتحدث ونعمل على تحسين المحتوى الرقمي في الإعلام المعرفي أن نقدم ما جاء في هذا العنوان الفرعي ..
يقول بيرغر:
حياتنا مشبعة بوسائل الإعلام ووسائل الإعلام مشبعة بالسرد هذه فكرة أوردها الباحث الفرنسي ميشال دو سيرتو الذي يوضح في كتابه ممارسة الحياة اليومية قائلا : منذ الصباح حتى الليل يملأ السرد على الدوام الشوارع والمباني .. إنه يعرب عن وجودنا وذلك بتعليمنا ما يجب أن يكون .
إن السرد يغطي الحدث أي إنه يصنع أساطيرنا ..ما يجب أن يقرأ ويقال: من الحدث بمجرد أن يستيقظ المستمع تستحوذ الإذاعة عليه ، فالصوت هنا هو القانون ، ويمشي طوال اليوم في غابة من السرديات من الصحافة والإعلان وسرديات التلفزيون التي لا تزال تجد متسعا من الوقت.
بينما يستعد للنوم لتمرير رسائل نهائية قليلة تحت بوابات النوم .
وهذه القصص السردية تنظم عملنا واحتفالاتنا وحتى أحلامنا مقدما وتضاعف الحياة الاجتماعية الإيماءات وأنماط السلوك مدفوعة بنماذج سردية ..
انها تستنسخ من دون توقف وتراكم نسخا من القصص.
لقد أصبح مجتمعنا مجتمع سرد ورواية من ثلاث نواح الأساطير وقصص الخرافات التي تشكلها وسائل الإعلام. الاقتباس من القصص ورواية القصص .
يعني هذا أن هذه السرود ليست مجرد تسليات بل لها دلالتها الاجتماعية والثقافية القوية وثمة إيماءات فيها يجب أن نتعلمها وتصبح نماذج لنا ، باختصار: هذه السرود هي التي تنظم حياتنا وتنفذ إلى حياتنا ..بالكلمات وحدها.
ويختم بالقول :الكلمات وحدها يمكن أن يكون لها الأثر الخطر ،نص مختلف مثلا ينشر في وسائل الإعلام ويشير إلى تقرير صدر عام ٢٠٠٥م من موقع اعتقال بخليج غوانتنامو إذ سحبت القوات الأميركية يقول نسخة من كتاب مقدس من مكان غير لائق ..مما أدى إلى أعمال شغب وسقوط قتلى وجرحى في أفغانستان مجلة نيوزويك تنصلت لاحقا من هذا التقرير ولكن الضرر قد وقع . يعني هذا أن السرد الذي هو أيضا قصة إخبارية يمكن أن يكون له انعكاسات وتداعيات هائلة ..
قول على قول ..
ما قدمه بيرغر قاله قبل ذلك الجاحظ حين رأى أن المعاني ملقاة على قارعة الطريق ولكن تحتاج إلى من يعيد سبكها
وصياغتها والقدرة على عجنها ببناء آخر..
يقول الجاحظ “إن المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي، البدوي والقروي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخيّر اللفظ “.)
وبالتالي صناعتها وتحويلها إلى قيمة مضافة تستحق أن يبذل متلقوها الجهد لاستقبالها ومعدوها حسن صياغتها .. غابة السرد كيف تحول إلى محتوى رقمي في الإعلام المعرفي هنا الدور الذي علينا الاضطلاع به.