الثورة أون لاين – تحقيق هناء غانم:
أكثر من ست سنوات مضت على إصدار قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص وما زال الحديث عنه من الجهات الوصائية مجرد تنظير .. القانون لم يأخذ طريقه إلى التطبيق العملي.. ولم يصل إلى استراتيجية معينة حتى تاريخه علماً أنه أوجد لخلق إطار قانوني لتنظيم العلاقات بين القطاعين، وليلبي الحاجات الاقتصادية والاجتماعية، وفي الوقت نفسه، يؤمّن للقطاع الخاص فرصة المساهمة في التنمية الاقتصادية كشريك أساسي وفاعل وخاصة أن هذا القطاع يلعب دوراً محورياً في دعم وتطوير الاقتصاد.
خيار استراتيجي..
تساؤلات عديدة يحق لنا أن نطرحها!!.. ما هي معوقات تطبيقه والأهم ما هي البدائل..
قد يكون “أهل مكة أدرى بشعابها” صحيح, ولكن في حال غياب البيئة الاقتصادية كان لا بد من الوقوف ومعرفة الأسباب التي حالت دون تطبيق القانون!! علماً أننا اليوم بأَمَس الحاجة لتعديل القانون ووضعه على سكة العمل الصحيحة واعتماده كخيار استراتيجي وفق ما أكده لنا الدكتور نضال طالب “الأستاذ في جامعة دمشق” موضحاً أننا أحوج ما نكون للاعتراف صراحةً بأن قانون التشاركية تشريع يشوبه الكثير من القصور، ويتجلى ذلك من خلال غياب أي نتائج ملموسة ومشاريع منفذة وفق هذا القانون بعد هذه السنوات من صدوره، لا بل إن معظم المستثمرين من القطاع الخاص ممن يطرحون أفكاراً استثمارية تشاركية على جهات حكومية لمناقشتها تكون أولى شروطهم دراسة المشروع المقترح خارج إطار قانون التشاركية لما يحتويه من غموض وتعقيدات.
ويضاف إلى ذلك ما يصدر عن شريحة واسعة ممن هم في مواقع المسؤولية من تصريحات تظهر قانون التشاركية بوصفه شراكة وحصصاً ومساهمة في رأس المال بين القطاع العام والخاص، وهو ما يعكس خلطاً كبيراً بين القانون وصيغ الشراكة وقوانين القطاع المشترك… علماً أن القانون يسهم في معالجة موضوع التمويل في ظل انخفاض موارد الموازنة وبما يضمن استقطاب رؤوس الأموال المحلية والخارجية وتنفيذ المشاريع الحيوية وإعادة تأهيل البنى التحتية، وقد يلعب دوراً هاماً في معالجة «البطالة» والحد من المديونية.
ماذا عن الخارطة الاقتصادية؟..
إلا أن السؤال الأهم حسب – الدكتور طالب – هل نمتلك خارطة اقتصادية وطنية واضحة المعالم تتوضح من خلالها المشاريع والقطاعات التي ستبقى ضمن حيازة القطاع العام بالكامل وسيركز عليها وسيعمل على تنفيذها بمفرده..؟؟
بالتأكيد لا يمكن تجاهل أهمية صدور مثل هكذا قانون – حسب طالب – فهو لم يعد خياراً أو قضية عقائدية بل أصبح ضرورة وحاجة ملحة في التنمية المستقبلية، إلا أن من المهم أيضاً العمل على وضع رؤية شاملة ورسم خطة واضحة المعالم للاقتصاد السوري ككل، تكون هي الغطاء الجامع للتشريعات وللقرارات المحفزة وللاستراتيجيات القطاعية الأخرى.
عقبات…
من يطلع على ما تم إنجازه من إجراءات وخطوات ومشاريع وفقاً لقانون التشاركية يلحظ حجم العقبات التي تواجهه…. فالقانون صدر ولم تُشَكَّل كافة لجانه ومكاتبه لتاريخه، وما تم تنفيذه هو تشكيل مجلس للتشاركية ومكتب التشاركية الذي صدر عنه ما يسمى “الدليل الاسترشادي للتشاركية”، وهو الدليل الذي يزيد التعقيد تعقيداً جديداً، وهذا الدليل يحتاج مجموعة أدلة لتفسير ما تضمنه من إجراءات مطلوب تنفيذها قبل مرحلة دراسة الجدوى الاقتصادية، ولذلك لم ينجز لتاريخه أي دراسة أو ملف متكامل لمشروع ما.
ضرورة التعديل..
وأشار طالب إلا أن إقحام المشاريع الإنتاجية الربحية ضمن قانون التشاركية غير مبرر وزاد تعقيدات القانون، فالحكومة صاحبة المشروع والمستثمر يهدفان إلى تحقيق الربحية، وبالتالي يمكن لهذه الشراكة أن تخضع لقوانين التجارة والشركات التي يخضع لها القطاع الخاص…
ولا بد من التوجه إلى تعديل قانون التشاركية الحالي، لإخراج مشاريع القطاع العام الإنتاجية والخدمية الربحية وحصره بمشاريع البنى التحتية والمرافق العامة، مع ضرورة إعادة دراسة مضمونه ومواده كافة وتجريده من جملة التعقيدات التي تشوبه.
المفارقة بالقانون..
والمفارقة في هذا القانون بأن أحد مواده وهي المادة رقم /6/ تشترط عدم دخول الجهة الحكومية صاحبة أرض المشروع أو أصوله كشريك ضمن شركة المشروع، والقانون بذلك ليس له من اسمه نصيب فهو أقرب للاستثمار والتأجير من أي صيغة شراكة، لكن من أحد الأسباب الموجبة لقانون التشاركية هو تخليص الإدارة من تعقيد الإجراءات البيروقراطية والروتين والقوانين السارية على القطاع العام.
اختلاف في المفهوم..
وفي حال كانت غاية القانون مشاركة القطاع العام والخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وصولاً إلى التنمية المستدامة، وبالرغم من أهميته فهو مفهوم يختلف عن التشاركية الذي ظهر في العالم في العقود الأربعة الماضية، وهو علاقة تقنية تتضمن إدخال القطاع الخاص في مشاريع البنى التحتية للاستفادة من خبراته الفنية والإدارية وقدراته المالية، ولتخليص الدولة من أعباء مشاريع تقع عادة ضمن مسؤوليتها ولا يدخل إليها القطاع الخاص بسبب عدم ربحيتها ومخاطرها العالية.
قوانين ولكن…
وأوضح طالب أن محدودية موارد الدولة وعدم قدرتها على تأمين التمويل اللازم لإعادة الإعمار يبرر الرغبة في إشراك القطاع الخاص في مشاريع التنمية، ولكن ما الذي يمنع القطاع الخاص من إقامة المشاريع التنموية المشتركة مع الحكومة؟ وهو لا يحتاج إلى قانون التشاركية، فالقطاع المشترك هو أحد أذرع الاقتصاد الوطني منذ عقود وقامت بموجبه العديد من المشاريع المشتركة بين القطاعين، فكما هو واضح هناك العديد من التشريعات والقوانين لإقامة مشروعات تنموية وفق صيغ تشاركية بين القطاعين، والمشكلة لا تكمن بصدور تشريع إضافي وإنما بتوضيح وتعديل وتسهيل لغة ومضمون القائم من هذه التشريعات من خلال تسهيل الإجراءات وخلق البيئة التحفيزية الملائمة لإشراك وجذب القطاع الخاص.
إذاً وبحسب رأيي الشخصي فإن قانون التشاركية لم يكن بالتشريع المأمول والملائم للواقع السوري والسبب لا يعود لعرقلة الصيغ التي تدعم دخول القطاع الخاص بشكل قوي في المفاصل الاقتصادية، وإنما على الأغلب كوجهة نظر شخصية بسبب عدم ملاءمة التشريع الصادر بهذا الخصوص للحالة والواقع السوري من جهة وبسبب التسرع الذي حصل حين صدروه من جهة أخرى، وبالتالي لا بد من إعادة النظر في مجمل القانون.
وزير الصناعة: القانون مهم.. ولكن!!
“الثورة” التقت وزير الصناعة زياد صباغ الذي حدثنا عن قانون التشاركية ودوره وأهميته قائلاً: إن التشاركية أمر مهم وضروري بين القطاع العام والخاص والقانون هو قانون عصري وجيد، لكن للأسف لا يوجد فكرة واضحة لدى معظم الصناعيين عن هذا القانون وأهميته، لافتاً إلى أن هناك توجهاً حكومياً اليوم لتفعيل هذا القانون وقد تم تكليف اتحاد غرف الصناعة وغرف الصناعة لإقامة ورشات تعرفية بالقانون الذي لا بد من تطبيقه لما له من ضرورة، باعتباره قانوناً عاماً وشاملاً وينطبق على كل الشركات وواقع الصناعة الوطنية بعد الحرب العدوانية على سورية ونتيجة الدمار والهجمة على القطاع الصناعي بشقيه العام والخاص أصبح لزاماً علينا إعادة إحياء هذه الشركات وأصبح تبديل نشاطها ضرورة، مبيناً أننا كوزارة لا نستطيع أن نضخ استثمارات في كل المنشات دفعة واحدة، لذلك الشراكة أمر أساسي وهام ولا بد من شراكة لإعادة إحياء الشركات وإعادة دوران عجلة الإنتاج بكل المعامل، مبيناً أن ذلك سيتم ضمن أولويات وخطة مدروسة وعلى مراحل لأنه بوجود الشريك سواء وطني أم من دول صديقة، سوف يساهم في تسريع العملية مؤكداً أننا مع التشاركية لإعادة إحياء الشركات وإعادة دوران عجلة الانتاج في المعمل والشركات المتوقفة ونخن نعمل ضمن هذا التوجه.