الثورة أون لاين- عبد الحليم سعود:
يحيي أبناء الأرض المحتلة في الثلاثين من آذار كل عام يوم الأرض، وذلك تعبيراً عن رفضهم للاحتلال وقوانينه التعسفية المجرمة، وتجسيداً حياً لتمسكهم بأرضهم وهويتهم وحقوقهم المشروعة وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة وعودة اللاجئين من الشتات، وتحرير الأسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال، ورفضهم للمشاريع الاستيطانية التي تحاول سرقة أرضهم وتهويدها، ففي كل عام يجدد أبناء فلسطين المحتلة في الداخل وفي الشتات عهدهم على مواصلة كفاحهم المشروع لمناهضة المشروع الصهيوني ومخططاته الهادفة لتهويد أرضهم واقتلاعهم منه وكسر مقاومتهم المستمرة منذ نحو مئة عام.
يوم الأرض بالنسبة لأبناء فلسطين هو تعبير دائم عن تمسكهم بهويتهم الحضارية الممتدة لآلاف السنين في هذه الأرض المقدسة وانتمائهم لزيتونها وبرتقالها وترابها ومائها وهوائها، ورفضهم لكل ما يحاول طمس هذه الهوية العريقة من إجراءات احتلالية عنصرية استيطانية تهويدية أو أي محاولات لتصفية قضيتهم العادلة عبر مشاريع التطبيع والتسوية المذلة على شاكلة صفقة القرن سيئة الذكر التي قضى الرئيس الأميركي المنتهية ولايته الإرهابي دونالد ترامب أربع سنوات لتمريرها بالترغيب والترهيب، ولكن أبناء فلسطين المقاومة أجهضوا هذه الصفقة عندما رفضوها وقاطعوا المشاركة بأي نشاط يتصل بها، ورفضوا كل العروض المذلة والمغرية التي قدمت لهم من أجل التخلي عن أرضهم ومقدساتهم وحقوقهم المغتصبة.
تعود ذكرى يوم الأرض رسمياً إلى الثلاثين من آذار عام 1976 عندما فجر أبناء الأرض المحتلة غضبهم على الاحتلال عبر مظاهرات عارمة شملت مختلف المدن والبلدات الفلسطينية احتجاجاً على استيلاء قوات الاحتلال على آلاف الدونمات من أراضي الجليل، حيث واجه الاحتلال الغاشم مظاهراتهم السلمية العفوية بالرصاص الحي ما أدى إلى استشهاد عشرات المتظاهرين، وجرح واعتقال المئات منهم، ليبقى هذا اليوم الأغر عنواناً لكفاح ونضال أبناء فلسطين الذي بدأ قبل اغتصاب فلسطين عام 1948 وسيستمر حتى تحرير هذه الأرض من رجس الاحتلال الصهيوني البغيض.
وتأتي ذكرى يوم الأرض لهذا العام متزامنة مع فشل صهيوني/ أميركي في تمرير صفقة القرن المشبوهة، وعجز همروجة التطبيع التي أقدمت عليها بعض الدول العربية بضغط أميركي سافر في إحداث أي خرق في جدارة مقاومة أبناء فلسطين المحتلة للاحتلال وثباتهم على أرضهم.
ففي كل يوم يعبر أبناء فلسطين عن حيوية قضيتهم العادلة وعن تجذرها في وجدانهم الجمعي من الأجداد وصولاً إلى الأحفاد الذين أثبتوا أنهم لا يقلون صلابة عن المقاومين والمناضلين الأوائل، حيث يؤكدون في كل يوم أنهم يحملون راية المقاومة والكفاح والنضال حتى إنجاز مشروعهم الوطني ببناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة وعودة اللاجئين إليها من دول اللجوء والشتات.
ويشهد التاريخ لأبناء فلسطين بأنهم دفعوا أثماناً غالية لقاء تمسكهم بأرضهم وذودهم عنها بالدماء والأرواح، إذ تعتبر قضيتهم من أقدم القضايا العادلة في العصر الحديث إذا ما أخذنا بالحسبان المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا قبل أكثر من قرن مروراً بوعد بلفور المشؤوم وصولاً إلى الاحتلال البريطاني الذي مهد لجريمة الاغتصاب عام 1948.
وفي كل عام يؤكد أبناء الأرض المحتلة من خلال نشاطاتهم المتنوعة التي تحيي ذكرى يوم الأرض عبر زراعة أشجار الزيتون التي يدأب المستوطنون الصهاينة على حرقها تعبيراً عن حقدهم عليها، بأنهم سائرون على نهج المقاومة والصمود والتجذر في أرضهم حتى تتحقق مطالبهم العادلة.
وهو ما يؤرق الاحتلال الصهيوني ويجعله يفكر بطرق مختلفة لكسر إرادتهم ودفعهم للتخلي عن حقوقهم وأرضهم عبر الإرهاب والعدوان والاعتقال والاغتيال وارتكاب المجازر وسرقة الأراضي ومحاولة تهويد القدس، ولكن كل محاولاته تبوء بالفشل لأن الفلسطينيين متجذرون باقون في أرضهم حتى زوال الاحتلال عنها.
