الثورة أون لاين – سامر البوظة :
حالة من الغليان والغضب يعيشها الداخل التركي نتيجة الممارسات الاستبدادية والقمعية التي يمارسها رئيس النظام رجب أردوغان, وسياساته الفاشلة والحمقاء التي أدخلت البلاد في سلسلة متفاقمة من الأزمات الداخلية والخارجية وأدت إلى تردي الأوضاع السياسية والأمنية مع تراجع الاقتصاد التركي إلى درجة الركود, ومواصلة العملة التركية تدهورها ووصولها حافة الانهيار بسبب تراجع السياحة والاستثمارات وانخفاض إيرادات البلاد من النقد لأجنبي.
هذا النظام الذي يواصل حملاته القمعية والتعسفية للانتقام من معارضيه وتصفية خصومه تحت حجج وذرائع مختلفة لاسيما مسرحية الانقلاب الفاشلة في تموز من العام 2016, التي اتخذها ذريعة دائمة ونفذ بحجتها حملة اعتقالات وإقالات واسعة طالت عشرات الآلاف في جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية, إضافة إلى سياسة كم الأفواه التي انتهجها ولا يزال من خلال قمع حرية الصحافة، وإغلاقه للعديد من الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية والمدارس والجامعات, وصولاً إلى فرض حالة الطوارئ في البلاد, والهدف كما بات معلوماً هو إحكام قبضته أكثر وليتفرد هو وحزبه الإخواني بالحكم ويفرض سيطرته وهيمنته على البلاد بالقوة, ليسجل أرقاما قياسية جديدة تضاف إلى سجله الإجرامي الحافل بالقمع والمليء بانتهاكات حقوق الإنسان منذ توليه الحكم عام 2003، وضارباً عرض الحائط كل التحذيرات والانتقادات الدولية.
فقد بلغ اجمالى المعتقلين بالسجون التركية 280 ألف معتقل رأي، وطاقتها الاستيعابية القصوى لها 220 ألفاً فقط، بزيادة 60 ألف معتقل، وهناك سجون طاقتها الاستيعابية 5 آلاف فقط، وتضم 10 آلاف معتقل.
صحيفة “زمان التركية” أفادت بأن أكثر من 128 ألف شخص خضعوا للتحقيق خلال خمس سنوات بتهمة إهانة رئيس النظام التركي رجب أردوغان, ولفتت الصحيفة إلى أنه في نطاق المادة 299 من قانون العقوبات التركي الخاص التي تنص على معاقبة المتهمين بإهانة الرئيس تم التحقيق مع 128872 شخصا وفتح 27717 قضية في الفترة ما بين 2014 و2019 وفي هذه القضايا التي حوكم فيها 903 أطفال, صدرت إدانات مختلفة ضد 9556 شخصا مبينة أنه بعد عام 2019 حوكم آلاف الأشخاص أو أدينوا بهذه “التهمة”.
وأوضحت الصحيفة أن أشخاصاً من جميع فئات الشعب مثلوا أمام الادعاء العام بتهمة “إهانة أردوغان” بينهم فنانون عبروا عن آرائهم على شاشات التلفزيون وأشخاص تم الإبلاغ عنهم من قبل الذين يجلسون على طاولة مجاورة أثناء دردشة في حديقة وآخرون تم الإبلاغ عنهم من قبل زوجاتهم بعد شجار نشب بينهم, مشيرة إلى أن آخر من تعرضوا للتحقيق معهم بهذه التهمة نساء شاركن في مسيرة ليلة 8 آذار النسوية التي جرت مؤخراً.
وكانت الصحيفة كشفت في وقت سابق أن جامعة كاليفورنيا تخطط لعقد مؤتمر يسلط الضوء على القمع الممنهج للحياة الأكاديمية في تركيا على يد نظام أردوغان وقضية هجرة العقول من البلاد.
وزارة الداخلية التركية اعترفت أيضاً وبحسب بيانات صادرة عنها في تموز من العام الماضي بأنها شنت 99 الفا و66 حملة أمنية منذ محاولة الانقلاب حتى تموز من العام ذاته, أسفرت عن احتجاز وتوقيف 282 ألفاً و790 شخصا واعتقال وحبس 94 ألفاً و975 آخر، فيما بلغ عدد سجناء “المحاولة الانقلابية” 25 ألفاً و912 شخصا, والأشخاص الذين تم اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم 597 ألفاً و783 شخصاً..
وفي السياق ذاته، فقد تم عزل أو طرد حوالي 150 ألفاً من موظفي الحكومة وأفراد الجيش والشرطة، وذلك بموجب قانون الطوارئ الذي فرضته لأكثر من عامين بحجة الانقلاب, إضافة لذلك فإن نظام أردوغان الاستبدادي والمحسوبية في حكمه أثر بشكل كبير على القضاء في ظل حملات القمع والاعتقال التعسفية التي يقوم بها هذا النظام والتي طالت أكثر من 4 آلاف قاض, إضافة إلى الآلاف من المحامين والصحفيين وغيرهم من أطياف المجتمع التركي.
أما من حيث تطبيق تلك الإجراءات على الجيش، فقالت وزارة الحرب التركية، إنه منذ محاولة انقلاب 15 تموز 2016 تم فصل 15 ألفا و583 جنديا وضابطا من الجيش بينما لا تزال تتواصل التحقيقات الإدارية والجنائية بحق أربعة آلاف و156 آخرين.
لا شك أن سياسات أردوغان الفاشلة في الداخل التركي وإصراره على المضي بنهجه الاستبدادي والهمجي, وتدخله في شؤون العديد من دول المنطقة,أدخل البلاد في أزمات اقتصادية عديدة وديون متراكمة أثقلت كاهل البلاد وانعكست على معيشة المواطن التركي بشكل مباشر, ناهيك عن الانهيار الكبير لليرة التركية أمام العملات الأجنبية ، وعدم قدرة الحكومة على كبح هذا الانهيار، ما أثر على الاحتياطي النقدي وأسهم في مزيد من عجز الميزانية، فضلاً عن فرار المستثمرين الأجانب والمحليين إلى مناطق أكثر أمناً, بسبب سياسة القمع وملاحقة الخصوم السياسيين والمعارضين التي يتبعها أردوغان منذ سنوات.
وهو ما أشارت إليه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية في مقال نشرته مؤخراً, مؤكدة أن السياسات المتهورة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان جعلت تركيا غارقة في خضم اضطرابات اقتصادية على مدى سنوات طويلة, ليضيف قراره الأخير إقالة محافظ البنك المركزي “ناجي أغبال” إلى فصول الأزمة الخانقة التي تواجهها البلاد.
وهذه ثالث مرة يقيل فيها أردوغان محافظاً للمركزي في غضون عام ونصف العام, فيما أكد خبراء اقتصاديون أتراك خطورة مثل هذه الخطوات وآثارها على المدى المتوسط والبعيد وتأثيرها سلبا على أسعار الصرف والاستثمارات الأجنبية بالعملة التركية.
ويؤكد خبراء ومراقبون أن تدهور الاقتصاد التركي ودخوله مرحلة التراجع واقتراب الليرة التركية من حافة الانهيار لم يكن إلا نتيجة متوقعة لسياسات أردوغان الخاطئة والتي أدخلت بلاده في سلسلة أزمات على الصعيدين الخارجي والداخلي انعكست تداعياتها بشكل مباشر على الاقتصاد.
إلى ذلك شكك الخبير الاقتصادي مصطفى سونماز في الأرقام الرسمية التي أعلنتها هيئة الإحصاء التركية حول نسبة العاطلين عن العمل, موضحا أن 1 من كل 4 أشخاص يعاني من البطالة في تركيا.
وأشار سونماز عبر حسابه بموقع تويتر إلى الإحصاءات الرسمية الخاصة بالبطالة والقوة العاملة والتوظيف والتي جاءت بتوصيف ضيق النطاق حيث بلغت معدلات البطالة السنوية 13.2 بالمائة لكنها ارتفعت في اسطنبول بنحو 1.5 نقطة لتسجل 14.7 بالمائة, لافتاً إلى أن الهيئة كانت كشفت عن البطالة الفعلية لعام 2020 خلال النشرة السابقة وكانت تقدر بـ25 بالمائة في المتوسط, أي إن1 من كل 4 أشخاص يعاني من البطالة وليس كما زعمت في تقريرها الجديد.