الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
لطالما روجت الولايات المتحدة الأميركية لأكاذيبها وأفكارها الهدامة في إطار السعي لتحقيق مشروعها الاستعماري، وسعت إلى تدمير المنظومات والقيم الإنسانية ، لاسيما في الدول التي تعادي سياساتها وتقف في وجه تحقيق مشاريعها الاستعمارية.
اليوم يتجاوز النفاق الأميركي كل حدوده في ظل التصريحات الأميركية التي تجافي الحقيقة، فبعد كل هذه الفوضى والدمار والخراب الذي أصاب العالم جراء سياسات أميركا ونهجها التخريبي، وما شكله ذلك من ارتدادات كارثية على الإنسانية بشكل العام تتبجح واشنطن وتزعم اليوم بأنها ستدافع عن حقوق الإنسان في العالم أينما كان، وهذا مؤشر جديد على أن إدارة بايدن ستواصل نهج إشعال الحروب وغزو الدول الأخرى تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان.
فخلال تقديمه التقرير السنوي لوزارة الخارجية حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: “سنستخدم كل أدوات دبلوماسيتنا للدفاع عن حقوق الإنسان ومحاسبة الذين يرتكبون الانتهاكات”، مشدداً على أن “إدارة بايدن، ستعترض على انتهاكات حقوق الإنسان أينما حصلت، ومن دون أن تهتم لكون المسؤولين عنها خصوماً أو شركاء” على حد تعبيره، وهنا تجاهل الوزير الأميركي عمداً كل الجرائم ضد الإنسانية التي تقترفها بلاده، من خلال مواصلة حروبها واحتلالها للعديد من الأراضي في الكثير من دول العالم.
إذاً الإنسانية التي كانت مطية الحروب الأميركية منذ سنوات طويلة نجدها اليوم ذريعة راسخة ضمن بازارات واشنطن السياسية ذات الأبعاد الإرهابية، بما يخدم سياساتها الاستعمارية القائمة على الهيمنة ونهب ثروات الشعوب.
وعلى عكس ما تزعمه أميركا من حرصها وحمايتها لحقوق الإنسان بات من المعروف والمؤكد بأن قائمة انتهاكاتها لحقوق الإنسان متخمة، وهي لا تعد ولا تحصى في الداخل والخارج، وواقع الحال يوثق أنها من الدول الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان في العالم.
فمن أفغانستان إلى العراق وليبيا واليمن وليس انتهاء بسورية شكلت المشاهد المتماثلة صورة الإرهابي الأميركي الذي فتك بالإنسانية بمجملها وتدخل في الدول عبر حروب إرهابية طالت الحجر والشجر والبشر.
وانطلاقاً من المثل القائل “فاقد الشيء لا يعطيه”، نجد بأن أميركا التي تفقد أي نوع من أنواع الحرص على حقوق الإنسان لن تستطيع حمايته بحسب مزاعمها، فهي من وضعت ذلك المفهوم أي “حقوق الإنسان” تحت مقصلة الإرهاب، وأصبح من المعروف أن ما يحكم السياسات الأميركية هو الغريزة العنصرية التي تتحكم بقادتها وساستها, والتي تترجم أفعالهم الإرهابية.
وما يؤكد ذلك، هو ما يحصل في الداخل الأميركي من انتهاكات لحقوق الإنسان، لاسيما جرائم التمييز العنصري التي تستهدف الأميركيين ذوات البشرة السوداء على أيدي الشرطة الأميركية.
أما خارجياً فتاريخ الولايات المتحدة أسود في هذا الشأن، بدءاً من انتهاكاتها لحقوق الإنسان في سجون أبو غريب وغوانتانامو ، وما تلاها من كل الحروب العدوانية التي شنتها واشنطن على الشعوب من العراق وأفغانستان إلى ليبيا واليمن وسورية.
آلاف التقارير التي وثقت الإرهاب الأميركي منذ ولادة الإمبراطورية الأميركية التي قامت على المجازر والقتل الجماعي بحق أصحاب الأرض الحقيقيين، والملفت في البيان الأميركي أن تلك “الحماية الأميركية الجديدة لحقوق الإنسان” باتت وجهة أيضا إلى حلفائها الذين يتشاركون معها النهج الهمجي والعنصري ذاته، الأمر الذي يدل على أن أميركا لا توفر طريقاً لاستمرار هيمنتها إلا وتسلكه حتى ولو كان على حساب شركائها وحلفائها.