الثورة أون لاين – أحمد حمادة:
كم هي مثيرة للسخرية والاستغراب تقارير واشنطن حول حقوق الإنسان في العالم، والتي تصدرها سنوياً وزارة الخارجية الأميركية، وكم هي منافقة تلك التقارير وهي تتحدث بالتفاصيل المزعومة عن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين وسورية وروسيا، وغيرها الكثير من البلدان التي لا تروق سياساتها للبيت الأبيض.
فهي تدعو للسخرية لأن من خطوا سطورها لم يخطر ببالهم أن البشرية كلها تدرك، وهي تقرأ ما كتبوا، أن خنق الرجل الملون “جورج فلويد” وقتله تم في شوارع أميركا وبيد شرطتها العنصرية وليس في بكين أو دمشق، ولا بيد شرطي صيني أو سوري.
البشرية تدرك أن مثل هذه الانتهاكات الجسيمة لم يرها العالم أبداً في هاتين العاصمتين العريقتين بل في واشنطن ونيويورك وسواهما، وأن صور القتل على الهوية، وحسب اللون والعرق، لا يشاهدها الناس في مدن الصين وسورية وغيرها من مدن العالم التي يهاجمها تقرير “الخارجية الأميركية” بل في ولايات أميركا ومدنها وشوارعها ذاتها.
هكذا يتناسى تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي حول حقوق الإنسان في العالم، والذي صدر أمس، جرائم أميركا داخلها وخارجها، ويحاضر على البشرية كلها بالعفة والأخلاق وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، ويفتح سجلاً ملفقاً وكاذباً عن حقوق الإنسان المنتهكة في طول العالم وعرضه.
من الصين إلى العراق وإيران والسودان وسورية وكوبا وفنزويلا وكوريا ودول عديدة أخرى تتحفنا سطور التقرير الأميركي بأحداث وانتهاكات لا وجود لها إلا في مخيلة من كتبها وصنعها ولفقها، واستند فيها على تقارير التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في سورية، وعلى المنظمات والمؤسسات المأجورة التي تتبع للسي آي إيه، وتكتب بالحبر الأميركي السري، فيما يخص الواقع المفترض من الصين إلى كوبا.
يتحدث تقرير النفاق إياه عن انتهاك حقوق الإنسان في سورية متجاهلاً أن القوات الغازية الأميركية هي التي انتهكت حقوق السوريين وقتلتهم بصواريخ طائراتها وقنابلها، وهي التي سرقت قمحهم ومنعت رغيف الخبز عنهم، ومتجاهلاً أن البيت الأبيض هو من أصدر إرهاب “قيصر” وسماه قانوناً وما فيه من قوانين العالم الحقوقية والإنسانية والأخلاقية قيد كلمة.
يتحدث تقريرهم عن انتهاكات هنا وهناك في طول المعمورة وعرضها، متناسياً جرائم الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، والتي يندى لها جبين الإنسانية خجلاً، ويتناسى جرائم أميركا في أفغانستان والعراق و”غوانتنامو” وغيرها الكثير من البقاع والمدن، ويتناسى سجون أميركا الطائرة والعائمة والخفية، ليؤكد أن إدارة بايدن على خطا ترامب وبوش وريغان في الإجرام والإرهاب والتضليل والدجل، وأن تقاريرهم نسخة “فوتوكوبي” عن ممارساتهم الوحشية على امتداد هذه المعمورة المنكوبة بسياساتهم.