الثورة اون لاين
الكل صاروا شعراء.. ما من صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي الا وتجد من يزينها بما يسميه شعرا حتى تحال اننا منذ الولادة نكتب الشعراء ومن ليس منا شاعرا فهو روائي أو ناقد أو إعلامي..
كلنا في ورشة الابداع نجوم فيها ..
ولكن الشعر على ما يبدو هو الأكثر إغراء..الامر ليس وليد اليوم وان كان ازداد مع الفضاء الازرق ..
لقد امتهن الشعر منذ أن تحول إلى نظم لا معنى ولا شعور فيه ..مجرد رصف كلمات على وزن وقافية..
حتى انك تجد موسوعات في اللغة قد نظمت شعرا مثل ألفية ابن مالك ..
ولكنها على الأقل ذات وزن وقافية..
اما اليوم مشتقات الشعر ..تفعيلة وقصيدة نثر وغيرها صارت ظاهرة بلا حدود مع أن الكثير منها مجرد رصف كلمات ..
الحاسوب شاعرا..
على ما يبدو ان الظاهرة ليست فقط في الشعر العربي إنما لها وجودها في الكثير من المجتمعات التي تهتم بالإبداع وهذه المرة فعلا هي خارج اي احساس بشري ..هذا ما يكتبه الناقد العراقي جودت هوشيار الذي يقدم قراءات مهمة في الأدب الروسي ..يتحدث عن فضيحة شعرية حدثت عام 2011 م إذ يقول (كتب المراسل الصحفي لقناة “روسيا” الفضائية بوريس سوبوليف مجموعة قصائد شعرية لا معنى لها ، عن طريق احد البرامج الكمبيوترية ، ونشرها على شكل ديوان شعري صغير يحمل عنوان ” الشيء ليس بحد ذاته ” وباسم الشاعر ” بوريس. سيفكو ” . وسيفكو- اختصار لعبارة ” هذيان الفرس الرمادي” ، وقدم عرضاً لتلك القصائد في بيت الكتّاب المركزي .. وتم قبوله بالإجماع وعلى الفور عضواً في اتحاد الكتأب في روسيا.
ابرز قادة منظمة موسكو لاتحاد كتاب روسيا ومنهم فلاديمير بويارينوف ، ألكسندر جريتسينكو ، ألبير أغايان ، فاليري إيفانوف تاغانسكي ، أبدوا إعجابهم بموهبة ب. سيفكو وتنبؤوا له بشهرة مدوية.
وتوقع رئيس الاتحاد للشاعر (الموهوب) مستقبلا واعداً في الأدب العالمي ، وفاز بجائزة ” يسينين ” الشعرية . ولكن سرعان ما قام المراسل الصحفي نفسه بوريس سوبوليف بسرد حكاية الشاعر المزعوم . وكانت فضيحة مجلجلة اهتزت لها قيادة اتحاد الكتّاب.
اسم البرنامج هو ” مساعد الشاعر ” الذي يقوم بتأليف قصائد شعرية موزونة ومقفاة عن طريق التقاط سطور عشوائية من نصوص منشورة في الإنترنيت.
قبل عدة سنوات ، قامت ” ياندكس” وهواسم ماكنة البحث الروسية ، التي تأتي في المرتبة الثالثة في العالم بعد جوجل وياهو ، بعرض برنامج ” مولد الشعر بوشكين ” والذي يقوم بتشكيل نصوص شعرية على وزن ملحمة بوشكين الشعرية ” يفجيني انيجين ” . وثمة برامج أخرى للإنتاج الشعري في الشبكة ، استناداً الى قواميس اللغة ، وتبدو هذه الأخيرة ” أصيلة ” نسبياً ، أكثر من البرامج الأخرى.
إذن نحن أمام الحاسوب الشاعر الذي ينظم ويفوز وامام الظاهرة الأخطر التي تتمثل في عقلية النقد التي تستقبل هذه الشعور البارد ولا تعرف انه خارج سياق المشاعر وجمر اللغة وإتقاد المعنى..
فما الذي يعنيه هذا ..وكيف يمكن للغة التي يشكل الشعر روحها ونسغها أن تتطور وتتجدد ..وغير ذلك كثير من الأسئلة التي علينا طرحها في عصر الرقمنة حتى للمشاعر.
السابق