الثورة أون لاين- أدمون الشدايدة:
لا فرق كبير في أميركا بين تطبيق مفاهيم “الليبرالية الحديثة” وبين العنصرية التي تنخر مجتمعها، فكلاهما يجردان الإنسان من أبسط حقوقه تحت ذريعة (حماية حقوقه وإنسانيته) التي نهشها التعصب والتطرف، سواء أكان هذا التطرف ضد الأميركيين أنفسهم أم ضد دول وشعوب العالم.
وعلى عكس ما تدعيه الولايات المتحدة الأميركية من تطبيق للمفاهيم الأساسية التي أعلنها منظرو ومؤسسو “الليبرالية الحديثة” كمزاعم حريات التعبير وحرية الصحافة فإن الواقع يظهر ويؤكد عكس ذلك، حيث جرائم العنف والعنصرية والتطرف والإرهاب تسود المجتمع الأميركي الذي تغزوه مفاهيم الليبرالية الهدامة، ولعل حادثة قتل جورج فلويد ذي الأصول الإفريقية على أيدي الشرطة الأميركية، والكثير من الجرائم العنصرية، تؤكد زيف الادعاءات الأميركية وتفضح الغايات والأهداف الحقيقية لتلك المفاهيم الليبرالية.
فسياسات التطرف والإجرام المنتشرة في المجتمع الأميركي تنسف كل ادعاءات “الليبرالية الحديثة” التي تصدرها أميركا والغرب إلى مجتمعاتنا كتلك التي تزعم أنها تحمل قيماً ومبادئ ومضامين خلاقة، فيما التطرف داخل أميركا هو الفيصل في فرز وتحديد آثارها ونتائجها، حيث إن صور الفوارق الاجتماعية والطبقية المستشرية داخلها، وكذلك انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان والتمييز العنصري، باتت من المظاهر الأساسية لها ولتلك المجتمعات الغربية بشكل عام.
وعلى سبيل المثال أيضاً أكدت تقارير عدة بأن ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية من مراقبة وإجراءات مشددة ضد عمل المحامين والصحفيين يعرقل بشدة سير العدالة وحرية الصحافة، وهذا أحد أهم ما ينسف ما تدعيه “الليبرالية الحديثة” التي تروجها النخبة الأميركية الحاكمة في واشنطن.
وتلك الحقائق تستند إلى اعترافات من عشرات الصحفيين والمحامين بحيث وثقت أقوالهم واعترافاتهم كيف اتبع الصحفيون والمحامون المتخصصون في شؤون مختلفة خطوات تتسم بالحذر، خوفاً على حياتهم وحريتهم.
هذا غيض من فيض تلك الآثار والنتائج الكارثية لما يسمى بـ “الليبرالية الحديثة” منذ بداية تسويقها وانتشارها في المجتمع الأميركي خصوصاً، والمجتمع الغربي على وجه العموم وحتى وقتنا الراهن.
فبات من المعروف والمؤكد أن بعض الحقوق مشروطة بالعرق واللون، والعنصرية باتت تفوق مزاعم الحرية، ويتأرجح على مقاصل التمييز نفاق الحرص على الإنسانية، إلى أن أصبحت تلك الصورة عنواناً بارزاً وكبيراً في عمق نهجها المؤسس في الأصل على القتل والقمع وغيرها من الإجراءات التي يندى لها جبين الإنسانية، وتخالف كل الأعراف والقيم والمبادئ وحتى القوانين الداخلية والدولية، فليبرالية أميركا عنونت لعنصريتها المشهودة والعكس صحيح