الثورة أون لاين – حسين صقر:
من يفعل الخير لايعدم جوازيه، لا يذهب العرف بين الله والناس.. هذا ما تعلمناه وسمعناه ولمسناه من خلال أهل الخير الذين لا يألون جهداً إلا ويستغلونه لتقديم العون والمساعدة للعائلات التي تحتاج إلى ذلك.
هؤلاء الخيرون نمّوا أعمالهم تلك من خلال جمعيات البر والإحسان الخيرية، وشجعوا غيرهم على سلوك نفس الفعل، لأن أفراد المجتمع يكملون بعضهم، ويد واحدة كما هو معلوم لا تستطيع التصفيق.
ومع أن فاعلي الخير والدالّين عليه كثر، وتتزايد أعدادهم يوماً بعد آخر، لكن انتشرت ظاهرة مايسمى الاتجار بالعمل الخيري، أي كان هناك البعض من ضعاف النفوس الذين حاولوا التلطي تحت عباءة مساعدة الآخرين للوصول إلى غايات وأهداف مادية ومعنوية يحققونها على حساب هؤلاء المحتاجين.
“الثورة”التقت بعض الفعاليات من مختلف الشرائح، والتي أكدت أن العمل الخيري هو عمل لا يعتمد على تحقيق أي مردود مادي أو أرباح، بل غايته تقديم مجموعة من الخدمات الإنسانية للمحتاجين لها.
وقال حسن دلّة: يهدف العمل الخيري لتحقيق التكافل ونشر التضامن الاجتماعي بين الأفراد، ما يؤدي للمحافظة على القيم وتعزيز المبادئ والأخلاق الحميدة للنهوض بالمجتمعات، لكن مع كل أسف رأينا في الآونة الأخيرة خلال الحرب العدوانية التي شُنت على وطننا الحبيب أن بعض الأشخاص، وبدلاً من أن يعززوا التكافل، لجؤوا لاستغلال تلك الأعمال لتحقيق منافع شخصية، فيعطون الليرة ليأخذون التسعة، وهو ما انتشر على صعيد واسع وعرف حكايته وتفاصيله الغالبية من الناس.
وقال علي الأحمد: كثيرة هي المساعدات التي أرسلت للعائلات الفقيرة والمهجّرة، ولكن مع كل أسف قام البعض من ضعاف النفوس وسيئي الأمانة بتأسيس بعض المصالح ونسبوها للجمعيات الخيرية، وذلك بهدف الربح المادي، وترك الفتات لتلك العائلات التي خصصت تلك المساعدات لهم ولتجنيبهم شر الحاجة ومرارتها، لكن اولئك المتاجرون وضعوها في جيوبهم مع كل أسف، ووزعوا مبالغ متواضعة منها.
وأضافت سعاد التلي قائلة: صناعة الخير قد تتحول إلى غاية، ولاسيما عند الذين يرغبون فعلاً بمثل تلك الأعمال، و يبحثون في الحياة عن قيمة مضافة لأعمالهم وسيرتهم أكثر من القيمة المضافة لرؤوس أموالهم، ولذلك يعطون الأعمال الخيرية حقها، بينما نرى في الضفة الأخرى، من لايهمهم ذلك، وكل مايفكرون به زيادة أموالهم وممتلكاتهم حتى لو كان ذلك على حساب المحتاجين ومشاعرهم، وكل مراميهم توفير مايسمى الغطاء الشرعي الآمن، لكن ذلك لم يعد ينطلي على أحد.
وقالت هدباء محمد: إن المؤسسات الخيرية تساهم بنشر ثقافة التعاون بين الأفراد في المجتمع الواحد، وهو مايزيد من إحساس الفرد بالمسؤولية العامة اتجاه الأفراد الآخرين، و يعد ذلك من الوسائل المهمة في بناء المجتمعات، لكن أن يأتي أشخاص ليتاجروا بالمشاعر، ويوحون أنهم يقدمون مساعدات للآخرين، وهم أبعد مايكونون عن فعل الخير، فتلك مشكلة كبيرة يجب الانتباه لها، ويجب أيضاً أن تأخذ الجهات المعنية دورها لردع هؤلاء وتغريمهم ومنعهم عن ذلك، لأن أهمية العمل الخيري تكمن بترك تأثير إيجابي على كافة الأفراد الذين يعملون فيه، كما يُعد وسيلة مهمة لتقليل انتشار ظاهرة الفقر في المجتمعات.
وتحدث مسعود ياغي عن أنواع العمل الخيري التي يحث الدين على تطبيقها، وذكر منها الصدقة والزكاة والعمل التطوعي والتبرعات وغيرها، وأوضح قائلاً : لو انتبه الناس لوجدوا أن هناك شركات كبيرة تقدم بعض المنح المحدودة للطلبة مثلاً كمعلنين ووكلاء حملات تسويقية بشكل غير مباشر، علماً أن تلك الطريقة من الإعلان لا تكلف أجزاء بسيطة من عشرات أضعاف يمكن أن يدفعوها كتكاليف إعلانات، وبالتالي يحققون أرباحاً مضاعفة عما يقدموه لهؤلاء للطلبة، وبالتالي مع كل أسف نرى أن عمل الخير أصبح لدى البعض وسيلة للاتجار بمعاناة الناس واستثمارها لمصالح اقتصادية وتسويقية بحتة أو توظيفها لأغراض الدعاية الاجتماعية والسياسية، ما يجعل هذه الصناعة التي تعد واحدة من أنبل أشكال العطاء الإنساني عبر التاريخ تنحرف عن أهدافها بل تصبح أداة وغطاءً يوفر الشرعية لأسوأ أشكال الاستغلال والنهب.