الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد :
مما لا شك فيه أن حدث جلاء المستعمر كان ملهماً للعديد من المبدعين في مختلف المجالات بما فيها الفن السابع ، حيث سعى العديد من السينمائيين إلى التقاط تفاصيله وتداعياته وانعكاساتها ومفرزاته وإظهارها عبر أفلامهم الروائية ضمن إطار يترجم اللحظة بحميميتها وعمق صدقها وتفاعل الناس معها ، فجاءت أفلاماً تمزج بين الخط السياسي والنضالي والخط الإنساني والاجتماعي متناولة حالة مقاومة المحتل ببسالة وشجاعة، وغالباً ما كان يُطرح هذا المحور عبر سياق حكاية تلقي الضوء على عمق الروح الوطنية مع التأكيد على فكرة أن الشعب ككل يدافع عن البلد ففي أي لحظة نجد أن أي مواطن قد يتحول إلى مقاوم ، ورصد قسم من الأفلام موضوع الكفاح وأشكال النضال ضد المستعمر الفرنسي فترة ثلاثينيات وأربعينات القرن الماضي ، في حين دارت أحداث أفلام أخرى فترة الخمسينيات عاكسة حال الناس بعد الاستقلال .
شكّلت هذه المحاور الأساس للعديد من الأفلام ، منها (تشرق الشمس من جديد) إخراج أحمد أبو سعدة إنتاج التلفزيون السوري (1966) وقدم المخرج فيلماً آخراً ضمن الإطار نفسه وجاء بعنوان (انتظار) ، ومما أنتجته المؤسسة العامة للسينما الفيلم الروائي القصير (شموس صغيرة) إخراج خالد حمادة الجندي عام 1969. ومن الأفلام الروائية الطويلة نذكر فيلم (الفهد) إنتاج 1972 ورغم أن قصته أقرب لتكون حكاية فردية في البداية إلا أنه أظهر بزوغ الوعي الوطني والتحول من الهم الخاص إلى العام حيث شكلت سلطة الإقطاع امتداداً لسلطة المستعمر ، أما فيلم (بقايا صور) إنتاج 1979 فقدم صورة بانورامية عن الحياة والمواجهة بين الفلاحين والدرك في الريف السوري حيث نرى المناضل الذي حمل بندقيته المواجهة كل ألوان العسف بذراعيه .
قدم المخرج محمد شاهين فيلمين ضمنهما أحداثاً تظهر الحراك المقاوم للمستعمر الفرنسي وهما فيلم (الشمس في يوم غائم) سيناريو محمد مرعي فروح عن رواية للكاتب الكبير حنا مينه (إنتاج 1985) وتدور أحداثه في مدينة ساحلية أيام الاستعمار الفرنسي حول شاب ينتمي إلى أسرة غنية ويطمح إلى تغيير حياته والابتعاد عن مناخ العائلة فيتعرف على حياة الفقراء الذين يقاومون الاستعمار الفرنسي فينتمي إليهم متمرداً على واقعه ، أما الفيلم الثاني والذي كتب له السيناريو أيضاً جاء بعنوان (آه بحر) وهو مأخوذ عن رواية (الدقل) للكاتب حنا مينه (إنتاج 1994) تدور أحداثه نهاية الثلاثينات وبداية الأربعينات من القرن الماضي في ظل الاحتلال الفرنسي، وفيه يكون البحار صالح حزوم مطلوبا للدرك وقد أتت أسرته من لواء اسكندرون إلى اللاذقية في محاولة للبحث عنه، ومن ضمن أحداث الفيلم نجد خطيب ابنة صالح يعمل على تأمين السلاح للمناضلين ضد المحتل .
ويرصد فيلم (حسيبة) إخراج ريمون بطرس (إنتاج 2008) والمأخوذ عن أصل أدبي تحولات عدد من النساء الدمشقيات خلال الفترة الواقعة بين عامي (1927 ـ 1950) من خلال التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة في تلك الفترة ، ويكون والد حسيبة من المقاومين للمحتل ، وفي فيلم (دمشق يا بسمة الحزن) إخراج ماهر كدو وسيناريو محمود عبد الواحد عن قصة الكاتبة إلفة الأدلبي (إنتاج 2008) تدور الأحداث بين عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي عارضاً قصة نضال وكفاح حيث نتابع كيف كان المقاومون يجمعون الأسلحة ويخبئونها ويشتبكون مع المحتل وكيف لعبت المرأة دوراً في الحركة النضالية ضد الفرنسيين . وهناك فيلم (الشراع والعاصفة) المأخوذ عن رواية للكاتب حنا مينه، ومن إخراج غسان شميط وتأليف مشترك بينه وبين وفيق يوسف (إنتاج 2011) يُظهر في أحد أوجهه كيف خاض الشعب السوري معارك قاسية انتهت بنيل الاستقلال .