الأدب الوجيز بين الومضة الشعرية والقصة القصيرة جدا

الثورة أون لاين- نوار حيدر:

الكلمة قبس من شعاع يسمو معها الحرف و يشعل المعاني ، فتغوص في بحوره العقول إلى أن تجد براً ترسو إليه.
هي الريشة التي تتراقص على أنياط القلوب، لتطرب الوجدان، فتشفي العليل تارة، وتفتح للآلام أبواباً تارة أخرى شعراً كانت أو قصة ..
إلا أن شكل الشعر والرواية وحتى القصة تغير مع تغير الزمن والعصور، ليأخذ شكلاً جديداً، سمّي بالومضة،أو القصة القصيرة جداً والتي أطلق عليها ( ق ق ج) ويصبح جنساً أدبياً مبتكراً يكاد يتأصل في نفوس وعيون الجيل الجديد ويحمل ألوان الأدب الوجيز.
لكن هل ذابت الكلمات حينما حملت شكل الومضة أو ( ق ق ج) ، أم أنها استشفت من الكلمات روح المعاني فبات في الاختزال قوة ؟ وهل استطاعت أن تحمل وزر المعاني لتفيها حقها ؟
أم إنها باتت كزمننا الذي تسارعت فيه الخطا، نقف برهة لنسرق ومضة ثم نمضي ؟

للغوص في أغوار هذا كله كان لا مناص من الوقوف عند آراء ذوي الخبرة ومن لهم باع في الشعر والأدب.

يشمل عدة أجناس أدبية:
أوضح الدكتور محمد ياسين صبيح أن مصطلح الأدب الوجيز يشمل عدة أجناس أدبية وهي (القصة القصيرة جداً، وشعر الومضة، وشعر الهايكو)، إذاً هو مصطلح عام وليس حالة أجناسية كما يدعي البعض خطأً، ولا نوافق على اعتباره جنساً أدبياً، لذلك فإن أردنا الخوض في أهمية هذه الأجناس الأدبية، فيجب أن نبين أهمية كل جنس أدبي على حدة، وبأن كل جنس أدبي له أهميته الكبيرة، فمثلاً القصة القصيرة جداً، أصبحت في حالة من التطور والتواجد في مختلف الأوساط الأدبية، وأصبح مبدعوها ينشرون العديد من المجموعات القصصية الخاصة بها، ولقد ساعد على ذلك بالتأكيد المواقع الالكترونية المختلفة، ومن ضمنها بالطبع رابطة القصة القصيرة جداً في سورية، والتي ساهمت بتنظيم عشرة ملتقيات للقصة القصيرة جداً في مختلف المدن السورية، وشارك بها العشرات من كتابها ونقادها، ونظراً لقصر مساحتها السردية، أصبحت رائجة ومطلوبة على مواقع التواصل الاجتماعي، أما بالنسبة لشعر الومضة، فهو متأصل من خلال الشعر النثري بالتأكيد، ويمكننا اعتباره فرعاً مهماً له، ويمكن أن نعتبره مجالاً رحباً ومهماً للتعبير المختصر عن أي فكرة أو صورة شعرية، ولكن بالنسبة للهايكو، فالأمر يختلف قليلاً، باعتبار أن جذره ياباني، وبالتالي عناصره وقواعده يابانية، وهنا يجب على الشاعر التقيد بهذه العناصر، ولذلك نرى أن جل ما يكتب فيه الآن لا ينتمي إلى الهايكو، بل يمكن إدراجه ضمن الومضات الشعرية ربما، فالهايكو حساس جداً، لمسألة التأويل مثلاً، ولمسألة المشهدية وغيرها من العناصر، فهو لقطة فوتوغرافية، تعبر عن مشهد، ومنظر ما، لا يحقق أي خلفيات فكرية عميقة.

عملية صعبة ولا يتقنها غير الكاتب الموهوب:
ويتابع د.صبيح: الاختصار والتكثيف في الأجناس الأدبية، عملية صعبة ولا يتقنها غير الكاتب الموهوب أولاً، والذي لديه ثقافة واسعة، يستطيع التحرك من خلالها، ليعطي إلى الواجهة أفكاره، كما أن الاستسهال في الكتابة، يعتبر مقتل النص الأدبي، فكل جنس أدبي من هذه الأجناس يحتاج إلى صياغة مناسبة، وإلى تحقيق عناصر الدهشة والمفاجأة والتجديد، فالتكرار لا يعني أي قيمة إبداعية، بل هو روتين ممل لأعمال كثيرة، ومن الصعوبات أيضا، إهمال تقنية التكثيف والتي نعتبرها العصب الإبداعي لهذه الأجناس، وكذلك الابتعاد عن الشروحات والوصف، لأن ذلك يبعد المتلقي عن حالة التفكّر الذهني الذي يفضل أن نشركه بها. ولا ننسى تحقيق عنصر التشويق والدهشة في النص الأدبي.
ويضيف: تعتبر الأساليب الأدبية مهمة جداً في إظهار النص الإبداعي، فهي تعبر عن شخصية الكاتب وطريقة تعبيره وصياغته، ولذلك فهي تعبر عن مدى إتقان وتطور رؤية الكاتب، فمثلاً في القصة القصيرة جداً، يفضل أن يتصف النص بالشاعرية والإيحاء، وعدم الإسهاب والشرح، وبالتأكيد ذلك لن يخلق نصاً مميزاً، بل أيضاً يجب أن يترافق مع سلاسة الصياغة ومع فكرة غير مكررة، أو معالجة بطريقة مختلفة كلياً، وكذلك بالنسبة لشعر الومضة والهايكو، فكل نص إبداعي لا يتمتع بأسلوب مختلف، قادر على إعطاء شعور وانطباع مختلفتين، لا يمكن له أن يخدم الحالة الإبداعية، بل قد يشكل عليه عبئاً.

النصوص القصيرة هشة جداً وحساسة لأية ضغوطات بنائية:
فأي حالة ترهل تظهر مباشرة، وتنعكس على جودة النص، لذلك فإن أهم مكامن الضعف فيها، هي حساسيتها للإطالات النصية، لأن التكثيف يعتبر الأسلوب الأهم، وأية حالة ترهل تخلق فجوة كبيرة في صيغة النص النهائية، وكذلك عدم وجود حالة دهشة وتشويق، يبعد النص عن تموضعه السردي أو الشعري، أما قوتها فتكمن في كونها قادرة على التعبير عن أي فكرة، وبجمل قصيرة جداً، وخاصة القصة القصيرة جداً وشعر الومضة، لأن الهايكو له طبيعته الأسلوبية والبنائية، وليس هدفه التعبير عن قضايا مهمة، بل هو لقطة صامتة.

تقعْ في مطبّ الوصفِ السلبيّ للتسميةِ
ويقول د. صبيح : من خلال

تجربتنا في الملتقيات الأدبية، وفي رابطة القصة القصيرة جداً في سورية، نرى أن المتلقي متفاعل بشكل مميز ويرغب في التفاعل مع هذا النوع من الأدب، حيث لاقت القصة القصيرة جداً استحساناً كبيراً، فهي نظراً لقصر حجمها تساعد على قراءتها بسرعة وفهم، خاصة في ظل انتشار سرعة تداول المعلومات، وكذلك باقي النصوص القصيرة فهي مناسبة وتلاقي ترحيباً كبيراً لدى الكتاب والقراء.
ولابد من التأكيد على أن الأدب الوجيز لا يشكل حالة أجناسية نهائياً، لأنه بالأصل تسمية منزلقة تضم عدة أجناس أدبية (قصة قصيرة جداً، شعر الومضة، الهايكو)، ولكل جنس منها خصائصه وعناصره التي تميزه، ولذلك لا يمكننا تشميل هذه الأجناس الأدبية في بوتقة أجناسية واحدة، لذلك نرى أن تسميةُ الأدبِ الوجيزِ نعتبرُهَا حالةً وصفيةً لا تقدمْ الفائدةَ منْها كصيغةٍ تطويريةٍ لأيّ جنسٍ أدبيِّ، إنَّما للأسف تقعْ في مطبّ الوصفِ السلبيّ للتسميةِ، فالتسمياتُ يجب أن تعبرَ عنْ ديناميكيةِ الحالةِ من خلالِ تفاعلِ مضمونِها معها في تعالقٍ متداخلٍ لتأطيرِ الجنسِ الأدبيِّ المعني، هكذا يمكنُ أن نفهمَ مثلاً : ق ق ج، أو الهايكو، فكل جنسٍ أدبيًّ يعبرُ عنهْ بديناميكيةٍ التأطيرِ للتسميةِ وعلاقتِهِ بمواصفاتِ وعناصرِ هذا الجنسِ الأدبيّ. وبالتالي فإن التسمية لا تشكل حالة خلق جديدة على مستوى النوع أو الجنس، لأنها تشكل حالة ضبابية لا تمثلها أي عناصر أو خواص أو محددات.

تسمية ضبابية مصطلح (الأدب الوجيز):
ويضيف: الرّأيُ الصائبُ الآنَ هوَالتركيزُ على جودةِ ما يقدمُ في كلِّ الأجناسِ الأدبيةِ وبالتالي التركيزِ على كلِّ جنسٍ أدبيِّ على حدة، حتى يستطيعَ أنْ يأخذَ حقَّهُ من الاهتمامِ والنقدِ والكتابةِ، ولذلك أرى أن القصةَ القصيرةَ جداً مثلاً يستسهلها الكثيرُ رغمَ صعوبةِ كتابتهاِ، لأنها قادرةٌ على اختصارِ أفكارٍ كثيرةٍ ضمنَ جملٍ محدودةٍ، لذلك فهي تحتاجُ إلى الخوض في نقد ما يقدم والى تحفيز الكتاب والنقاد، والى تجاوز المضامين المكررة وخلق حالة إبداعية تجاوزية كما في كل الأجناس الأدبية. وبناء على ما سبق يمكننا القول: إن هذه الأجناس الأدبية ثبتت وجودها على الساحة الأدبية العربية، وتحتاج إلى اهتمام أكثر وخاصة بما يقدم منها من إبداعات وما ينشر من مجموعات من قبل النقاد، وتحتاج إلى احتضان الجهات الثقافية الحكومية والخاصة، والمساهمة في النشر وفي دعم الملتقيات الأدبية الخاصة بها. ولكن لا يمكن لنا أن نحشر هذه الأجناس الأدبية، في تسمية ضبابية كما هو مصطلح (الأدب الوجيز)، تعمي ما تحتها من أدب جاد ومهم، فهو ليس تابعاً لصيغة أجناسية أخرى، بل كل نوع حالة أجناسية متأصلة ومتجذرة تكوينياً وبنائياً.

خير الكلام ما قل ودل:
أما الأدب الوجيز في رأي الناقدة راوية زاهر هو مصطلح أدبي أطلق على الكلام الذي قلّ لفظه كثر معناه، وتابعت:
ولو تمعّنا قليلاً لوجدنا في عبارة قديمة، عرفنا منذ نعومة أظافر الأدب والكتابة والبلاغة (خير الكلام ماقل ودل) أفضل تمثيل لكينونة هذا الأدب المحدث بتسمياته، الغارق في قدم الفنون، إذ نلحظه في كثير من قصص القرآن الكريم الموجزة وكثير من رواد الأدب. زكريا تامر.. و…
وقد تناسل هذا الفن من تشكيلات الأدب المعروفة من شعر وقصة ورواية وغيرها.
و تضيف الناقدة : تأتي أهمية الأدب الوجيز من قدرته على التماهي مع متطلبات العصر السريعة، وذلك من خلال أدب تجاوزي بمقطّعات مقتصدة لغوياً مترفة ومنغمسة في التكثيف المعنوي.
فالوجيز حسب رأيها يواكب بشكله وبنيته اللغوية حاجيات المرحلة، من تغيرات سريعة في كل مجالات الحياة, مايضعنا وجهاً لوجه أمام حالة عداء أو نفور إن صحّ التعبير مع المطولات والقصائد الفراهيدية العصماء، تلك المملة والتي أثبت عجزها يوماً بعد يوم عن تلبية حاجات العصر وعولمته وبرقية أحداثه الخاطفة.

التكثيف والإيحاء والاقتصاد اللغوي:
وتتابع زاهر: قد تواجه النص القصير بعض الصعوبات كعدم قدرته على تمييز النوع من حيث السمات والخصائص ما يوقعه في إشكالية التسمية وخاصة مع تراجع حركة النقد الأدبي حديثاً بعد فورانها بشكل بركاني في بداية القرن العشرين عربياً.
إذ تشظى النص وانشطر من حيث الشكل ولم يعد الحكم عليه من ناحيته الشكلية يرضي الذائقة الأدبية للمتلقي. فلا بد من التكثيف والإيحاء والإيجاز والاقتصاد اللغوي.
أضف إلى خلق طاقة جديدة للمفردة تنقلنا إلى عوالم وآفاق واسعة من التخّيل والعمق والقراءات المتعددة للمعاني والصور.
تتعدد الأساليب.. وكلما اتسمت بالعفوية والبساطة والإدهاش كانت الأقرب إلى وعي المتلقي.. واستطاعت سحر لبه وإحداث صعقة تنال من حواسه بلغة موحية متجاوزة إطارها المعجمي إلى معاني ودلالات جديدة خلاقة وولادة.

وتتابع : كذلك استخدام الكاتب لأسلوب التضاد سواء في الومضة المتناسلة من الشعر، أو في فن القص الوجيزي المتحّدر من النثر، ومايحمله هذا التناقض من دينامية حركية للصورة بشكلها الوميضي والتعبير عن التوتر النفسي العميق لشخصياته الرافضة للواقع وهمومه ومآسيه. أضف لتقنية الإضمار والإخفاء والحكائية. ولا ننس التناص الذي يحيلنا إلى نصوص أخرى معروفة فتحاكيها معنى ومبنى.
وتقول إن ما قد يضعف النص عدم ديمومته، وانتشاره الواسع مع عشوائية النشر، إذ حجز لنفسه مكاناً متفرداً على مواقع التواصل الاجتماعي, إضافة إلى وقوع الكاتب في التباسات التسمية، ما يجعله يفقد خصائص مهمة ويوقعه في آتون الإخلال بالعناصر الأساسية للمكون الأدبي.
سيطرته على الساحة الأدبية:
وتضيف زاهر :أما قوته فتكمن في سيطرته على الساحة الأدبية، ومحاولة التطوير التي تنبع من عمق الواقع, فحاجتنا للخلق والابتكار جعلتنا نتقبل وبشدة الأدب الوجيزي ونتمسك به، بسبب قصره وبعده عن الحشو، وملائمته لذبذات الحياة وتحولاتها المتسارعة الخطا، أضف إلى قربه من الذائقة الجمعية وإحداثه صدمة تترك لذة لدى المتلقي الغارق تلقائياً في همومه ومأساته , مع عدم استساغاته للمطولات المملة التي لاوقت للخوض في تفاصيلها المملة، مايصل معناه في سطرين لم يعد من متعة في البحث عنه في خمسين بيتاً شعرياً، أو حتى قصة طويلة أو رواية إذ توقع المتلقي في السأم والملل.

الوجيز: الابن المدلل للشعر والقصة
وحسب رأى الناقدة زاهر :الأدب مرآة عاكسة للمجتمع والواقع، والوجيز ماهو إلا ابناً مدللاً للشعر بومضته وقصيدته الحديثة وشعر الهايكو بمشهديته الفريدة والحسية للحدث، والقص الموجز(ق ق ج) بنثره وتوقيعته، مواكباً لتطلعات العامة وفاتحاً أبواب الإبداع أمام المجتمع الشعبوي لينال فرصة كان قد حرم منها طوال الأزمنة الفائتة، مهما علت ذائقته وامتلك من رؤى، وذلك بسبب عدم انتمائه إلى النخب المتخصصة، التي احتكرت الأدب بكل أنواعه، وما امتلك من قدرات مادية حكرت له عملية النسخ والنشر والترويج.
وتضيف :مع ذلك لا يخل الأمر من سلبية الفوران المعتمد على المحسوبيات الذوقية والتي أدرجت من هبّ ودبّ في عالم الأدب والكلمة , وأخيراً يمكننا القول.. الأدب الوجيز هو نتيجة طبيعية ومنطقية لحالة الصراع والتناقض والحركة الدائبة التي ألمت بالواقع. وكان الأقدر على احتواء هذا الواقع، بقلة ألفاظه، وكثافة معانيه.

كان للشعراء رأيهم في الومضة الشعرية
الومضة الشعرية كما رأتها الشاعرة هيلانة عطا الله : جذر مفردة ومضة هو الفعل الثلاثي ” وَمَضَ ” أي برق أو لمع ، وقد جاء مصطلح الومضة الشعرية لمقاربته بفعل الومضان لكون الومضة الشعرية تشبه الموجة الضوئية من حيث قصرها وسرعتها ومن حيث قدرتها على الإضاءة أي ترك الأثر في المتلقي من جهة، وكشف خبايا الروح الشاعرة أمام المتلقي من جهة أخرى؛ ظهرت قصيدة الومضة كشكل فني حديث انطلق من الشعر ، لكون الشعر عملية خلق متجدد وقابل للتماهي مع المتغيرات، يقول يوسف الخال ” نحن نجدد في الشعر لا لأننا قررنا ذلك بل لأن الحياة بدأت تتجدد فينا وتجددنا ” .
وتتابع : كان ظهور الومضة في ستينيات القرن العشرين حين كتب الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة القصيدة القصيرة التي سماها ” توقيعة ” ونعلم أن اسم التوقيعة هو ” اسم مرّة ” كأن نقول توقيع المطر أي هطوله على بقعة محددة دون غيرها ولمرة واحدة يقول المناصرة :
وصلْتُ إلى المنفى
في كفّي خفُّ حنينْ
حين وصلتُ إلى المنفى الثاني
سرقوا مني الخفّينْ
نرى هنا قدرة الشاعر على استخدام الانزياحات ليأخذ المفردة إلى موضع مغاير عما اعتدناه في استخدامها لتعطينا دلالات جديدة وأحياناً مشحونة بالتوتر والمفارقة والرمز .
الحقيقة إن شاعر الومضة يغامر في رحلة يبحث فيها عن اصطياد المفردة كالصياد الذي يجوب الغابة ليصطاد الغزالة ، مع فارق أنه يصطادها ليزهق روحها ويعيش هو ، والشاعر يصطاد المفردة ليعيد خلقها فيحيا بها وتحيا دلالاتها في المتلقي .

انتشار الومضة الشعرية
هذا وقد تأثر الشعراء العرب بالحداثة الشعرية وما بعد الحداثة بالشعراء الغربيين الذين أنزلوا الشعر من برجه العاجي وحولوه إلى كائن يعيش هموم الناس ، كما تأثروا بفن الهايكو الياباني وهو فن قديم جداً في اليابان وذلك من خلال ترجمته إلى اللغة العربية ، ولاحقاً من خلال سهولة ترجمته الكترونياً عبر الانترنت ، ومؤخراً بدأنا نشهد انتشار الومضة الشعرية في كتب مطبوعة وعلى صفحات التواصل الاجتماعي مع الانتباه إلى نقطة مهمة تتجلى بمغبة وقوع البعض بادعاء الشاعرية حين يستسهلون الكتابة ، أو حين لا يتمكنون من كتابة القصيدة الموزونة فيهرعون إلى كتابات نثرية لا علاقة لها بالشعر الموزون ولا بقصيدة النثر ولا بقصيدة الومضة .

ولعل من أهم أسباب ظهور الومضة الشعرية بغض النظر عن التأثر بها لدى الشعوب الأخرى هو العصر الموسوم بالسرعة، ومعطياته وتعقيداته التي استلبت إنسانية الإنسان وأرهقته بالقلاقل واستهلكت طاقاته ووقته مما أثر على الذائقة الجمعية لدى الشعراء من جهة ولدى القراء من جهة أخرى ، فشاعر اليوم مثقل بالهموم التي تتراكم في لا وعيه وتتخمر في خوابي روحه، إلى أن تأتي لحظة التجلي يكون فيها شاعر الومضة كالغيمة الحبلى

بالماء لا سبيل لها سوى الانهمار، وبالمقابل نرى القارئ لا يحتمل طويلاً ليستشعر جمال المطولات والملاحم ، بل نراه كمن يمرُّ على خميلة الورد يستأنف عبيرها ويمضي ، ونرى أن كلاً من الشاعر والقارئ يحتاج إلى كوة تسمح لروحه بالتحليق هنيهةً وتعود مشحونة بالطاقة الإيجابية من عوالم الجمال والسلام و الانعتاق .
إن ما يميز قصيدة الومضة هذا التكثيف المدهش المتكئ على خيال واسع ، فالشاعر يرصد حالة أو حدثاً أو موقفاً أو فكرة من الواقع ولكنه يعبِّر عنها بلغة ليست من الواقع ، وبمفارقة تودي إلى الإدهاش ، إنه يحوّل بحر مشاعره المتدفقة بلا حدود إلى قطرة مكثفة أصلها من جنية ذلك البحر ، أو يمكن أن أقول إنه يعتصر رحيق آلاف الزهور ليحيلها إلى قارورة عطر بمجرد فتحها ينداح منها العبير دون حدود .
تكمن أهمية الومضة الشعرية كما أشار الشاعر رياض طبرة أنها محاولة مشروعة من الشعراء لإيصال الفكرة بمبنى يتناسب مع العصر وبما يحمله التكثيف والإيجاز من قبول في أيامنا هذه وما اعترى عملية تلقي المنتج الإبداعي من عزوف.
ويتابع : فالومضة الشعرية تحتاج إلى منسوبٍ عالٍ من الفن في البناء حيث ترتدي المعاني أقل الأثواب عدداً وأكثرها شفافية ومقدرة على تحقيق الدهشة والإمتاع والمؤانسة كأهداف ومرام للشعر , ولا ينفصل الأسلوب عن المبدع بل يكاد أن يكون هو ذاته فمن كان سهلاً ممتنعاً جاء أسلوبه كذلك ومن كان على تعقيد أو تقعير فهو إلى ما ذهب إليه.
ويضيف: قوتها تأتي من جودتها وحسن بنائها وإلا غدت عالة على صاحبها وحشواً و يصح فيها احشفا وسوء كيلة إذ هي المتن الأقدر على عبور القلوب والعقول, وقد
لاقت الومضة في الأدب ككل قبولاً وربما عمد كثيرون على خوض التجربة بحدوهم الأمل في أن تنجح محاولتهم في الوصول والانتشار مثلما نجح رمل جبران خليل جبران وزبده في الوصول أو كما نجحت كلمات نزار قباني في هذا الصدد.
ويقول الشاعر طبرة:لا أستطيع أن أحكم على وجود جنس أدبي أو أي تجربة إبداعية من خلال جمهور وصل إلى حالة من العزوف عن الثقافة والكتاب والأدب، لكنها أي الومضة موجودة بقوة ونتمنى أن تلعب دوراً كبيراً في وصول الكلمة الجميلة بدلاً من التراشق بالعداوة والكراهية.

يخدم الأدباء الشباب
الشاعرة أسيل مصطفى كان لها رأيها بالومضة الشعرية فقالت : هي ظاهرة أدبية مستجدة ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي..عصر السرعة والتكنولوجيا.
وتتابع :أرى أن هذا النمط من الكتابة يخدم الأدباء الشباب الذين ما زالوا في بداية مسيرتهم الأدبية، لأنه يتيح لهم التعبير عما يجول في خواطرهم من مشاعر وأفكار بكل بساطة وسهولة، إلا أن هذا النمط من الكتابة لا يساعد الكاتب على الاسترسال والمضي بعيداً في التعبير عما يريد، ويقتضي منه تكثيف التعابير اللغوية واستخدام أسلوب إنشائي مؤثر كي يستطيع الكاتب إيصال ما يريد من معان إلى القراء بشكل مختصر, كما يشترط في هذا النمط من الكتابة ألا يكون النص مبتوراً من حيث المعاني والأفكار.
وترى الشاعرة مصطفى : أن الومضة الشعرية لا تمثل حالة النضج والكمال عند الأدباء الكبار، بل هي مرحلة لا بأس بأن يمر بها الأديب الشاب ريثما تكتمل موهبته وتبلغ من النضج الحد المطلوب.

آخر الأخبار
تحرّك في الكونغرس لإلغاء عقوبات 2003 و 2012 المفروضة على سوريا  تعزيز الاستقرار والخدمات في حلب.. ومتابعة التنفيذ وتذليل العقبات الرنين المغناطيسي في "وطني طرطوس" قيد الصيانة.. وآخر جديد بالخدمة قريباً أسعار سياحية في أسواق درعا الشعبية تصريحات الرئيس الشرع تَلقى صدى إيجابياً واسعاً في وسائل الإعلام الغربية والعربية غضب واستنكار شعبي ورسمي بعد جريمة الاعتداء على الشابة روان في ريف حماة قمة ثلاثية في عمّان تبحث تطوير  النقل بين سوريا وتركيا والأردن أنقرة: "قسد" تراهن على الأزمة مع إسرائيل في سوريا… وتركيا تحذر  رؤية استراتيجية لإعادة بناء الاقتصاد السوري.. قراءة في حديث الرئيس الشرع انتهاكات الاحتلال للأراضي السورية.. حرب نفسية خطيرة لترهيب المدنيين منحة النفط السعودية تعطي دفعة قوية لقدرات المصافي التشغيلية "إكثار بذار حلب" تحتضن طلاب "التقاني الزراعي" في برنامج تدريبي باخرتان محمّلتان بـ 31570 طناً من القمح تؤمان مرفأ طرطوس  برؤية متكاملة وواضحة.. الرئيـس الشـرع يرسم ملامح المرحلة المقبلة   تركيا: يجب دعم سوريا.. واستقرارها مهم لأمن وسلام أوروبا ترحيب عربي وإسلامي باعتماد الجمعية العامة "إعلان حل الدولتين "  ناكاميتسو تشيد بتعاون سوريا في ملف الأسلحة الكيميائية وتصف المرحلة الحالية بالفرصة الحاسمة  مشاركة وزير التربية والتعليم في البرنامج الدولي للقادة التربويين في الإمارات  "الخارجية" تُشيد بالمبادرة الأخوية لقطر والأردن بإرسال قافلة مساعدات إنسانية  مركز نصيب الحدودي.. حركة تجارية نشطة ورفع القدرة الاستيعابية