الترجمة .. بين التحصين والتغريب

الثورة اون لاين – فاتن أحمد دعبول :
لايختلف اثنان على دور الترجمة وغاياتها التواصلية والعلمية والثقافية منذ تاريخ العرب القديم وحتى أيامنا هذه، فقد شكلت وسيلة هامة للتلاقح الحضاري والثقافي والعلمي مابين العرب والأمم والشعوب الأخرى، وتركت هذه الترجمة من اللغات الأخرى ولاسيما اللغات الأوروبية إلى اللغة العربية آثارا واسعة تغلغلت في اللغة العربية المعاصرة، في متنها ألفاظا ومصطلحات، وفي بناها وبنيتها، تراكيب وأساليب.
ويتوقف د. عبد الناصر إسماعيل عساف في بحثه المعنون” من أثر ترجمة الألفاظ والأساليب في العربية المعاصرة” عند هذه الآثار في أمرين اثنين:
الأمر الأول هو الذي يسهم في تنمية اللغة ويمد مستعمليها بما يعبرون به من ألفاظ ومصطلحات أو تراكيب عن مقاصدهم وغاياتهم.
أما الأمر الثاني فهو لايناسب قواعد العربية وضوابطها، بل يخرج عن نظامها المتعارف، خروجا لاشك فيه، فيلحق بها الضيم، ويعد اعتداء عليها وتغريبا.
ويورد عساف أمثلة حية عن هذين النوعين من الترجمة، عما جاء منها في إغناء العربية بمفاهيم جديدة وألفاظ وتراكيب وأساليب تسمح بالتعبير بطواعية عما جد في حياة الناس، وتتيح لمستعملي العربية التعدد والتنوع في طرائق التعبير المناسبة عما يريدون التعبير عنه، هذا إلى الاعتماد على النمط الثاني بترجمة بعض الألفاظ والمصطلحات بنطقها كما في لغتها من مثل” ديالكتولوجيا”.
كما أوضح في بحثه نوعا من الترجمة الهجينة القائمة على المزج بين لفظ عربي ولفظ أعجمي، أو بين لفظ عربي ومكون من مكونات لفظ أعجمي، من أمثلة” سوسو لسانيات، بسيكو لسانيات” للتعبير عن اللسانيات النفسية، أو” ميتا نقد، ميتا خطاب ..” وهذه بالطبع صور من التغريب التي لاتلائم نظام اللغة العربية الصرفي أو نظامها المقطعي، وفيها تجاهل لإمكانات اللغة العربية الحقيقية وتضليل للمستخدمين.
ويدلل بدوره في أمثلة كثيرة عن التراكيب والأساليب المترجمة التي تغلغلت في استعمال الناس في زماننا، مع خروجها على قواعد اللغة العربية وضوابطها من مثل” أُلف هذا الكتاب من أحمد، كلما عمل كلما ربح، سوف لن يسافر،أهلا بكم إلى هذا البرنامج ..”.
ويصل د. عساف في بحثه أن ليس من الصواب الحكم على كل ترجمة حرفية بأحكام قيمة سلبية مثل الرداءة والخطأ، والوقوف منها موقف استهجان، بل لابد من التفصيل فيها، ففيها الجيد المناسب، وفيها الصحيح، وفيها غير ذلك.
ويتوقف بدوره عند مسؤولية المترجم الخبير الأمين، أن يحافظ على اللغة العربية سليمة من الشوائب، وعمله يكاد يلامس عمل اللغوي في جانب منه، يسعى إلى نقل المعاني والتعبير عنها بما يوافق النظام التركيبي العربي، وصوغ الألفاظ والمصطلحات المناسبة، ويطور مخزونها، ويوسع آفاقها، لتتلاءم وحاجات العصر، وينأى في ترجمته عما لايناسب نظام اللغة العربية.
وعلى الجانب الآخر، فمن مسؤولية اللغويين رصد الآثار اللغوية للترجمة والتدقيق فيها، وتنقيتها من شوائبها، وإثبات مآثرها، سعيا إلى مايحصن اللغة العربية، ويحميها من الضياع في عولمة ثقافية وفكرية ولغوية طاغية، وهذا بالطبع من أجل وضع الأشياء في نصابها على الوجه الذي يقتضيه التحقيق والفحص.

آخر الأخبار
ثلاث منظومات طاقة لآبار مياه الشرب بريف حماة الجنوبي الفن التشكيلي يعيد "روح المكان" لحمص بعد التحرير دراسة هندسية لترميم وتأهيل المواقع الأثرية بحمص الاقتصاد الإسلامي المعاصر في ندوة بدرعا سوريا توقّع اتفاقية استراتيجية مع "موانئ دبي العالمية" لتطوير ميناء طرطوس "صندوق الخدمة".. مبادرة محلية تعيد الحياة إلى المدن المتضررة شمال سوريا معرض الصناعات التجميلية.. إقبال وتسويق مباشر للمنتج السوري تحسين الواقع البيئي في جرمانا لكل طالب حقه الكامل.. التربية تناقش مع موجهيها آلية تصحيح الثانوية تعزيز الإصلاحات المالية.. خطوة نحو مواجهة أزمة السيولة تعزيز الشراكة التربوية مع بعثة الاتحاد الأوروبي لتطوير التعليم حرائق اللاذقية تلتهم عشرات آلاف الدونمات.. و"SAMS" تطلق استجابة طارئة بالتعاون مع شركائها تصحيح المسار خطوة البداية.. ذوو الإعاقة تحت مجهر سوق العمل الخاص "برداً وسلاماً".. من حمص لدعم الدفاع المدني والمتضررين من الحرائق تأهيل بئرين لمياه الشرب في المتاعية وإزالة 13 تعدياً باليادودة "سكر مسكنة".. بين أنقاض الحرب وشبهات الاستثمار "أهل الخير".. تنير شوارع خان أرنبة في القنيطرة  "امتحانات اللاذقية" تنهي تنتيج أولى المواد الامتحانية للتعليم الأساسي أكرم الأحمد: المغتربون ثروة سوريا المهاجر ومفتاح نهضتها جيل التكنولوجيا.. من يربّي أبناءنا اليوم؟