الثورة أون لاين – ريم صالح:
هو الغرب الاستعماري، ومعه جوقة المطبعين، والمرتهنين، والانبطاحيين، أرادوا لسورية الخنوع والركوع، ولكنها قلبت الطاولة بما عليها من أوراق سياسية وميدانية محروقة في وجوههم، وصمدت وبقيت شامخة، أرادوا المساس بقرارها الوطني السيادي المستقل، ولكنها كانت لكل مشاريعهم وأجنداتهم العدوانية بالمرصاد، فضربت أوهامهم في الصميم، واستمرت على ذات النهج المقاوم، ولم تتزحزح بتاتاً عن مواقفها المبدئية الثابتة والمحورية، ولم ولن تخذل كل من آمن بها، وآمن بدورها الريادي في المنطقة والعالم.
راعي الإرهاب والخراب الأميركي العالمي حاول مراراً وتكراراً، ولا يزال، ولم يترك أي وسيلة مهما بلغت دونيتها وقذارتها إلا واتبعها في استهدافه للدولة السورية، جند الإرهابيين القتلة، والعملاء والخونة الانفصاليين، وسلح إرهابيي “داعش”، ولطالما أنقذهم من ضربات بواسل الجيش العربي السوري، ووفر لهم الأوكار الآمنة، وسوق العديد من الأكاذيب والروايات الهوليودية والخيالية أيضاً، وكله لاستهداف سورية، ولتضليل الرأي العام العالمي، وتجييشه، عبر شحنه بكم هائل من الفبركات والمزاعم، وصولاً إلى فرض عقوباته وعقوبات شركائه الغربيين الظالمة والجائرة أحادية الجانب على الشعب السوري.
ولكن لماذا هذا التكالب الأميركي والأوروبي والصهيوني والتركي على سورية؟، لماذا يحارب الرضيع السوري بالحليب الذي هو بحاجة ماسة إليه؟، ولماذا يحارب المسن السوري، ويحرم من الدواء الذي لا يمكن له البقاء على قيد الحياة بدونه؟، لماذا تفرض أميركا وتشرعن ما يسمى “قيصر”، ولماذا يصمت المجتمع الدولي بكل مؤسساته القانونية والحقوقية والإنسانية عن جرائم الإبادة وجرائم الحرب التي يرتكبها الأميركي ومحوره المعادي بحق السوريين؟.
من المؤكد لنا جميعاً، وانطلاقاً من المثل القائل “لا يوجد غذاء مجاني”، فإن كل نظام أو كيان متآمر على سورية فإنه يعمل وفق أجنداته، وأطماعه، ومصالحه العدوانية والاستعمارية أولاً وأخيراً.
نظام البلطجة الأميركي يسعى لشرق أوسط جديد على مقاسه وأهوائه، شرق أوسط ينسجم ومصالح ربيبته “إسرائيل”، شرق أوسط خال من المقاومة، ثقافة ووجوداً ودوراً محورياً، يريد نهب ثروات سورية النفطية والغازية، ولعل هذا ما يفسر تواجد قوات الاحتلال الأميركية غير الشرعية عند حقول وآبار النفط والغاز في منطقة الجزيرة السورية، دون أن ننسى طبعاً نهمه لسرقة محاصيل السوريين وحبوبهم وآثارهم، والأهم من كل ذلك برأينا هوس الأميركي للمساس بدور سورية المحوري وثقلها وتأثيرها في كل ملفات وقضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومناصرتها للشعب الفلسطيني ودعمه لاسترجاع حقوقه وتحرير أراضيه المغتصبة.
نظام الانقياد الأوروبي البريطاني الفرنسي لا يختلف عن الأميركي كثيراً بل إن هذه الأنظمة الاستعمارية تتحرك هي الأخرى وفق شهواتها العدوانية، وذلك للبقاء إعلامياً قيد الوجود الاستعماري، ولتلهي شعوبها عن إخفاقاتها الداخلية، ولتدخل إلى خزائنها وجيوبها أرصدة وأموالاً هي من قوت السوريين وممتلكاتهم وثرواتهم.
أما نظام الانتهازية التركي فهو الآخر يعمل على إحياء أوهام إمبراطورية العثمانيين البائدة، يتوهم أنه باحتلاله غير الشرعي للشمال السوري أنه قد يغير من الحقائق الجغرافية والديموغرافية على الأرض، هو نهب معامل حلب، وسرق عبر مرتزقته الإرهابيين، وتحديداً الدواعش نفط السوريين، وتاجر به، وهرّب آثارهم إلى الخارج، وأدخل هذا النظام إلى جيوبه، وجيوب ثلته الفاسدة مليارات الدولارات، وكلها من وراء استثماره بأزمة السوريين، دون أن ننسى استغلاله للمهجرين السوريين كورقة ضغط وابتزاز للأنظمة الأوروبية يشهرها في وجههم متى شاء.
وبخصوص مشيخات النفط، فالأمر واضح للعيان لا يحتاج إلى كثير من التأمل والتمحيص، فالصمود والعزة والإباء السوري يصيبها بمقتل، وفي الصميم، ويعريها ويكشف عوراتها أمام شعوبها، كيف لا وهي المرتهنة لإملاءات من ثبت حكامها على العروش والكراسي.
كيان الاحتلال الصهيوني هو الآخر يعمل كل ما من شأنه استهداف محور المقاومة الذي تقوده سورية، لذلك يعتدي على السوريين، ويحيك الدسائس، وذلك كله حتى ترى صفاقة القرن الأميركية الإسرائيلية النور، وتشق طريقها إلى الحياة، وهو الأمر الذي لن يتم طالما سورية ملتزمة بثوابتها، وبمواقفها المبدئية، والداعمة للفلسطينيين، والرافضة لكل الوجود الاستعماري الصهيوني والأميركي والغربي غير الشرعي في المنطقة.
توهم الأميركي، ومن معه من متآمرين، وغزاة، ومعتدين، ومرتهنين، وخابت حساباتهم عندما ظنوا أن باستطاعتهم النيل من سورية، ولكنهم أخفقوا جميعاً، حاولوا نسج الافتراءات على نول الكيماوي المهترئ، فعادوا من اجتماعات الأمم المتحدة ومجلس الأمن بخفي حنين، زرعوا الإرهاب على التراب السوري، ليجبروا السوريين على التهجير، ولكن المهجرين عادوا وإن لم يكن كلهم فمعظمهم إلى بيوتهم ومحافظاتهم، بعد أن حررها حماة الديار من براثن الإرهاب المأجور، فرضوا علينا العقوبات الظالمة لكي نركع فكان العكس تماماً بانتظارهم، فما كان من السوريين إلا أن ازدادوا ثباتاً وتماسكاً وإيماناً، سوقوا أكاذيبهم للعالم أجمع، وقدموا أنفسهم على أنهم الناطقين باسم الشعب السوري، فما كان من السوريين وتحديداً في بلاد الاغتراب، إلا أن فضحوا الدول المعادية، وكشفوا مشاريعها الاستعمارية على أراضينا، وأكدوا المؤكد بأن السوريين هم وحدهم أصحاب الكلمة والقرار، وبأن من يمثلهم فقط هي حكومتهم الشرعية المنتخبة بإرادة شعبية، وبأن من يقتلهم هو الأميركي والتركي والصهيوني، أما من يحميهم فهو جيشهم الباسل الذي قدم الغالي والنفيس ولا يزال لكي يعيشوا بكرامة وأمان واستقرار.
كثيرة هي العبر الدروس ولكن متى يتعظ ويتعلم الواهمون المهزومون؟!.