الثورة أون لاين – ريم صالح:
هي سورية.. أقدم مدينة مأهولة في التاريخ الإنساني، هي مهد الحضارات، وهي حاملة لواء الوحدة العربية، والسباقة إليها على الدوام، هي من حملت في وجدانها هم كل الشعوب المستضعفة، وجعلت الدفاع عن قضاياهم المصيرية، وتحرير أراضيهم السليبة من ثوابتها الوطنية، ورفضت المساومة أو الرضوخ للإملاءات، ووضعت نصب عينيها الحفاظ على استقلالية قرارها السيادي والتمسك بالمقاومة، طالما كانت هي السبيل الوحيد لاسترجاع كل الحقوق المغتصبة.
هي قلب العروبة النابض كما أسماها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر قبل نصف قرن مضى، وهي كما وصفها قبل أكثر من مئة عام مضت أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته ثمن الحرية، هي عزّ الشرق الذي أوله دمشق، وهي بعرف رجال الفكر والسياسة كعبة العروبة والمقاومة وقوى التحرر، فهي لم ولن تعرف يوماً خنوعاً أو إذعاناً أو استسلاماً.
لذلك وانطلاقاً من هذه الركائز تآمرت الدول الحاقدة عليها، وحاكت الشراك الواحدة تلو الأخرى، وافتعلت السيناريوهات الكاذبة، وكان هدف القوى المعادية لسورية محاولة المساس بدورها المحوري، وثقلها الاستراتيجي في المنطقة والعالم، وابتزازها لإجبارها على التخلي عن ثوابتها الوطنية، ولاءاتها الأساسية، وتحديداً عن تمسكها بالمقاومة، ودعمها لقوى المقاومة، كخيار وحيد لتحرير الشعوب من أغلال المحتلين.
نظام الإرهاب الأميركي، والانتهازية التركي، ومعهم كيان الاحتلال الإسرائيلي، دون أن ننسى أنظمة التبعية الأوروبية، البريطانية، والفرنسية وأيضاً محميات الخليج المرتهنة، وجدوا أن ما تقوم به الدولة السورية على صعيد المنطقة والعالم من نصرتها للشعب الفلسطيني في مقارعته للمحتل الصهيوني، ونصرتها للشعب العراقي الذي كابد ولا يزال الويلات جراء الغزو والاحتلال الأميركي، ودعمها لكل قوى التحرر العالمي، وتمسكها بسيادتها وبتحرير كل أراضيها المغتصبة، وجدوا فيه خطراً على كل مشاريعهم التقسيمية والاستعمارية للمنطقة، وتهديداً يمس بقاءهم على عروشهم، فسورية كانت ولا تزال الصخرة الصلبة التي تتحطم عليها كل سيناريوهات فوضاهم الهدامة ومشاريع التطبيع والإذعان.
حاول الواهمون مراراً استهداف سورية وشعبها، جندوا الإرهابيين، وتكفيريي الارتزاق، ثم قامروا على ما يسمى “معارضة الفنادق”، ودفعوا مليارات الدولارات لتنقلب موازين الأحداث وتطورات المشهد السوري لصالحهم، ولكنهم أخفقوا، حاولوا تلفيق روايات هوليودية من نوع الكيماوي ولم يفلحوا أيضاً، راهنوا على الاستثمار بالمنصة الأممية، وبمشاريع مسيسة لمجلس الأمن لكنهم فشلوا أيضاً، حاربوا السوريين بلقمة عيشهم، وقطعوا المياه عن أكثر من مليون سوري في الحسكة، وفرضوا العقوبات القسرية الجائرة والظالمة، وشرعنوا ما يسمى “قيصر” ولكنهم خابوا، فالحق السوري أقوى من أن يحجب بغربال المهزومين، مهما تكالبوا، وتآمروا، وشحنوا، وحرضوا، وفبركوا.
قدر سورية الأزلي كان الانتصار، وبمجرد أن نراجع صفحات التاريخ فإننا نجد أن السوريين قارعوا المحتلين على اختلاف مسمياتهم، وحاربوا العملاء، والخونة، وانتصروا، والسوريين اليوم هم أحفاد أبطال وأجداد الأمس، لذلك فإن النصر المدوي سيكون حليفهم، كيف لا والتاريخ يعيد نفسه، وإن كان بحلة جديدة.
الكثير من التقارير والتحليلات الإخبارية تناولت وبالتفصيل ما يجري على الأراضي السورية، ولماذا هذا الكم الهائل من التآمر الممنهج الذي يستهدف الدولة السورية بكل مقومات وجودها، بشعبها، ومؤسساتها، وبناها التحتية، وحتى مؤسستها العسكرية التي هي الضامن الوحيد لتحريرها من رجس الإرهاب ومشغليه والمستثمرين فيه.
فسورية تدفع ثمن تمسكها بهويتها، ودورها القومي، والغرب يريد تنازلات.. هذا ليس مجرد كلام، وإنما هو ما كشفته العديد من التقارير الاستخباراتية والإعلامية والتي أفادت بأن ما تشهده سورية من أحداث تهدد استقرارها، وأمنها، ووحدة النسيج الوطني، فيها ناتج عن تمسكها بهويتها، ودورها القومي، ورفضها الحاسم لأي إملاءات تتصل بالصراع العربي الإسرائيلي.
وأوضحت تلك التقارير أن الضغوط على سورية تصاعدت منذ عام 2000 حيث إن تمسك سورية بدعم حركات المقاومة بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، ورفضها أي إملاء يتصل بالصراع العربي الإسرائيلي، دفع الغرب للتصعيد ضدها لينتقل الاستهداف المباشر إلى الداخل السوري وفق ما نشهده اليوم من حرب إرهابية وأحداث دموية خطيرة.
المؤكد لنا جميعاً أن السوريين يدركون جيداً ماهية المؤامرة التي يتعرضون لها، وملابساتها القذرة، والأيدي التي لم تعد خفية على الإطلاق التي تحرك كل الخيوط العدوانية، وتحيك الدسائس تلو الأخرى.
السوريون انتصروا على الإرهاب، صمدوا بوجه قوى العدوان وبهمة حماة الديار سيحققون المستحيل، ويسطرون أروع ملاحم العز والفخار، وستبقى سورية كعبة العروبة، ونبض المقاومين النابض.