في جميع الانتخابات الرئاسية يكون هناك عاملان داخلي وخارجي، يؤثران في توجهات جمهور الناخبين لاختيار مرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية، وفي سورية بالتحديد وخلال معظم الاستحقاقات الرئاسية ولاسيما الماضي منها والقادم ترتبط توجهات السوريين تجاه عملية الانتخاب بحد ذاتها بناءً على معطيات داخلية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمفاعيل خارجية لا يمكن تجاهلها.
داخلياً، تنطلق رؤية المواطن الناخب للعملية كحق من حقوقه التي كفلها الدستور والقانون في اختيار من يراه أهلاً لقيادة البلد من جهة وكمسؤولية من جهة ثانية تجاه تكريس قوة الدولة ومؤسساتها في ظلّ تعرض تلك المؤسسات لحرب مبرمجة استهدفت شرعيتها ولاتزال.
يدرك السوريون اليوم وبعد عشر سنوات من حرب استنزفت بلدهم واقتصادهم ودمرت الكثير من بناه التحتية أن البديل عن استمرارية الدولة ومؤسساتها هو الفوضى والخراب والإرهاب، ويدركون أن مشاركتهم في الانتخابات تهدف بطبيعة الحال إلى ضمان بقاء الدولة ومؤسساتها وضمان أمنهم وأمانهم في منازلهم وقراهم وبلداتهم، واستمرار حصول المواطن على حقوقه بالتعليم المجاني والطبابة المجانية وحماية حقوقه من منتهكيها على اختلاف مسمياتهم.
معظم السوريين وأنا منهم، يسألون اليوم.. لو أن الإرهاب التكفيري انتصر على الدولة.. أين ستكون حقوقهم في العمل والحياة والطبابة وفي الاختلاف؟ أين ستكون حرياتهم، وما هو دور المرأة وأين سيكون الأطفال؟ في مدارس التميز أم في حقول التدريب على السلاح وتلاوة فتاوى القتل والذبح والسبي؟؟
صحيح أن الوضع الاقتصادي والواقع المعيشي صعب، والسوريون اليوم يعانون نتيجة ذلك، لكن أغلبهم يدرك أن الاحتلال الأميركي لحقول النفط وسيطرة ميليشيا “قسد” المدعومة منه على غلال القمح في الجزيرة هي السبب الأساسي فيما يتعرضون له، كما يدركون أن كل ذلك جزء من الحرب على الدولة وعلى الانتخابات، ويهدف إلى مقايضة تمسكهم بدولتهم بلقمة العيش. لكن السوريين اختاروا منذ البداية أن لا مقايضة ولا ابتزاز، فمن دفع الدماء من أجل بقاء الدولة لن ترغمه لقمة العيش على تقديم تنازلات.
السوريون وأنا منهم سيشاركون لأنهم يدركون أن مستقبلهم مرتبط ببقاء الدولة التي اجتمعت عليها دول غربية عدة وعلى رأسها الولايات المتحدة والنظام التركي ومعهم كيان الاحتلال الإسرائيلي بهدف تدميرها وتقسيمها وتحويلها إلى كيانات متناحرة.
فمع كل صوت نشاز تصدره الأنظمة الغربية ضد الانتخابات يتأكد لنا صوابية إجرائها وشرعيتها ودستوريتها، ومع كل هجوم عليها ندرك أنها طلقة في رأس المخطط الغربي ضدنا، ومع كل تصريح ضدها يصبح التمسك بها مسؤولية أكبر.. فكم دافعوا عن الإرهابيين وكم هاجموا جيشنا؟ فانتصر جيشنا وخسر الإرهاب، وكم تشدقوا بالحديث عن حقوق الإنسان وهم الذين انتهكوا وإرهابييهم حقوق السوريين؟
لهذه الأسباب جميعها سأشارك وكما غالبية السوريين في الانتخابات ونمارس حقنا وواجبنا في انتخاب رئيسنا الذي نرتضيه قائداً للدولة وحامياً لها، ولن تثنينا عن خياراتنا الضغوط الغربية المتزايدة ضد الشعب السوري مع اقتراب الانتخابات، سواء في السياسة أم في الاقتصاد.
إضاءات-عبد الرحيم أحمد