الثورة أون لاين:
كيف يمكن أن تكون أديباً أو شاعراً أو فناناً، لوجهِ الوطن لا أكثر؟!.. وإن كنت قادراً على ذلك، فهل أنت قادرٌ على أن تعيش، وتبني أحلامك المستقبليّة، كما يرسمها طموحك الأدبي والشّعري والفنّي؟!..
في بلداننا العربية، نادراً ما نجد أحدهم، غير متخندقٍ لجهةٍ ما، إما دينيّة أو سياسيّة، أو حتى شخصيّة متقوقعة على معتقداتها، وجميعهم يحملون على جباههم شارات النجومية التي هي “يا أرض اشتدّي..”.
نراهم انقسموا على جهلهم، وتمترسوا خلف إيديولوجيات لا قيمة لها، لا على الصعيد الاجتماعي، ولا على الصعيد الشخصي…
فلماذا يهوى المثقف، أو المبدع، أو الفنان العربي، تسييس مهنته وموهبته؟!!.
عندما أرى أحد هؤلاء يسعى إلى “فزلكة” موقفٍ ما، أتذكّر قصة “القط والفأر بين الطبع والتطبّع”، حيث أثبت أحدهم لرفيقه أن الطبع غلب التطبّع، فقام بتعليمِ القطّ كيف يحمل سراجاً بيده، وعلى حين غفلة من رفيقه، أفلتَ فأراً أمام القط، فرمى القطُّ السراج مطارداً الفأر..
فأيّ طبعٍ ذاك الذي طُبعوا به، حتى أفلتوا وعيهم، وبدؤوا يطاردون غريزيّاً، من يعتبرونه عدوّهم أو فريستهم، أو لنقل، إن هناك من أوهمهم بتلك العدائيّة الغريزية؟… كيف استطاعت الغريزة، أن توقد الطبع فيهم، وأيّ طبيعة أساساً، تلك التي فُطروا عليها؟!..
لهم جميعاً أقول: حاولوا تغيير نمطِ التفكير البدائيّ لديكم.. عليكم أن تصدموا أنفسكم صدمات ثقافيّة راقية، تخلعُ ما في ضمائركم من غلٍّ وجهل، وتفتح أمامكم الآفاق الفكريّة والفلسفيّة، التي تتجاوز حدود ما في أذهانكم، وتنفذُ إلى أعماقكم، تكنّس منها رواسب الإيديولوجيات المتخلّفة، لتصعدوا من خنادقكم، إلى عوالم النّور، وبهذا تعيدون الأدب والشّعر والفنّ، إلى طبيعتهم التي لن ينال منه التطبّع، مهما بلغت المغريات..
تذكّروا أن الوطن ليس مجرّد روايةٍ أو قصيدةٍ أو مشهدٍ دراميّ، وأنَّ بإمكانكم الدخول إليه من أيّ باب.. بابُ الوطنِ يقود إلى الحضارات الأقدم والأشهر والأعظم، وهو أقدسُ الأبواب.