د. أحمد الهواس لـ “الثورة”: إعادة الإعمار وعودة المهجّرين وإرساء دولة القانون.. يبني الدولة والمجتمع
الثورة- أحمد صلال- باريس:
الدكتور أحمد الهواس هو مفكر وإعلامي وكاتب سوري، ويعتبر أحد الأعضاء في رابطة الأدب الإسلامي الدولية، تميز بأنه تناول قضايا مختلفة يفخر بها وبإنجازاته العظيمة، عرض الكثير من الروايات والكتب التي تناولت هذه القضايا، حقق نجاحات على مستوى الوطن العربي.

صحيفة “الثورة” كان لها الحوار التالي:
– بدايةً سوريا تحررت، الآن نصف قرن ونيف من حكم الأسدية بصفحتيها طوتها البلاد، ونحن نعيش الآن مخاض ولادة دولة جديدة، حدثني رأيك عن الآمال والتحديات؟
لاشك أن الآمال كبيرة، وأيضاً الواقع صعب ومليء بالتحديات، لكن إسقاط النظام البائد مع كل ما كان يملك من قوة ودعم، وتدخل قوى إقليمية ودولية لإبقائه، فإن هذا النصر يسجل للشعب السوري ككل، وعندما ثار الشعب السوري ضد النظام الطائفي كان يصبو لهدم دولة الاستبداد والظلم وبناء دولة العدل والمواطنة.
ولا شك أن حكم ستة عقود من الاستبداد قد خلّف مشكلات عدة في بنية المجتمع السوري، فضلاً عن إنهاك الدولة على المستوى الاقتصادي.
– عملية “ردع العدوان” كانت عملية مفاجئة، وتقهقر النظام البائد بشكل سريع، كيف حدث ذلك برأيك؟
“ردع العدوان”، في جوهرها، كانت عملية استباقية بضرب قوات النظام البائد في الفوج 46 قبل أن تتقدم قوات النظام البائد إلى إدلب بدعم من حلفائه، كذلك استغلال الظروف التي عليها المنطقة، ولاسيما ما تعرض له حزب الله من ضربات إسرائيلية أدت لمقتل خيرة مقاتليه، ومن ثم قادته، ما استدعى سحب قسم كبير من مقاتليه من جبهات حلب باتجاه لبنان، وكذلك انشغال روسيا في حرب أوكرانيا.
كانت خطة “ردع العدوان” في بدايتها إزاحة الخطر المتمثل في الفوج 46 وعودة النازحين في هذه المنطقة إلى قراهم، لكن الانهيار السريع لدى قوات النظام فتح الطريق إلى حلب ورأينا التساقط للقرى والمدن، والتقدم باتجاه حماة، وهنا نستطيع أن نقول: إن جيش النظام المخلوع كان قد تآكل من الداخل، ولم يعد لدى مقاتليه الرغبة في القتال، فضلاً عن انهيار منظومة التحكم والسيطرة، ما أدى لانقطاع التواصل بين القيادة والأفراد ما أدى لتفكك الجيش.
– المرحلة الانتقالية في سوريا وشروطها وإمكانيات نجاحها أو فشلها، أشير إلى أن حكم سوريا محكوم بتنوع المجتمع وتطوره، أنت كيف ترى المرحلة الانتقالية؟
المرحلة الانتقالية، كما تعلم هي مرحلة تؤسس لبناء سوريا القادمة، بمعنى أنها دولة مؤسسات، دولة تقوم على فصل السلطات وليس تكريس السلطات بيد سلطة واحدة، ولهذا فإنها مرحلة صعبة، ولاسيما أمام التحديات الكبيرة، فالاقتصاد السوري مدمّر، ومناطق الثروة السورية بيد فصيل قادم من خلف الحدود، ودعوات البعض لفدرلة سوريا تحت مسمى اللامركزية السياسية أو الدعوة للديمقراطية التوافقية تحت ذريعة التنوع المجتمعي، علماً أن سوريا دولة تعيش فيها أقليات وليست دولة أقليات، ولهذا فإن المرحلة الانتقالية توجب على السلطة الحالية تحصين الثورة وذلك ببسط سلطة الدولة على كامل التراب السوري، ومنع أي مظاهر تسلح لغير القوى الأمنية والجيش، وعلى السوريين التعاون في هذه المرحلة.
– عن احتمالات الفشل أو النجاح في إرساء ديمقراطية في سوريا، ذلك أن الانتقال الديمقراطي طريقه صعب على حد تعبيرك، ونجاحه ليس حتمياً، حدثني عن شروط إرساء ديمقراطية في سوريا؟
الديمقراطية في أبسط مفهوم لها هي حكم الأغلبية، وهنا لن نتحدث عن أغلبية مجتمعية، بل سياسية، وحتى نصل لهذا الأمر، فهذا يحتاج إلى وجود أحزاب تتنافس في برامجها السياسية، وهذا يعني انتظار صدور قانون الأحزاب، لكن قبل كل ما ذكرنا، فإن تحديات إعادة الإعمار، وكذلك عودة ملايين اللاجئين والمهجّرين وإرساء دولة القانون، والعمل على التنمية وتوزيع عادل للثروة، وتكافؤ الفرص هذه الأمور هي التي تبني الدولة والمجتمع.
– حذر المفكر السوري الدكتور أحمد الهواس، أنه في حال كانت الدولة السورية مهددة بالتقسيم، وهناك دولة مثل إسرائيل تفكر بتقسيمها بالفعل، وإن بقينا نتحدث عن سوريا مجموعة طوائف وملل وأقليات، فإن ذلك “لا يقود إلى ديمقراطية، بل إلى حرب باردة أو ساخنة”، حدثني عن البنية المعقدة جداً؟
نعم، فكما في التجربة الكورية الجنوبية، أمام التحديات الاقتصادية، فضل الكوريون التنمية على الديمقراطية، وفي التجربة السورية، السوريون يريدون سوريا دولة واحدة موحدة، وكذلك تفعيل برامج إعادة الإعمار، والعدالة الانتقالية، وتحصين الثورة بقانون عزل سياسي لمن شارك في النظام البائد، وأكرر أن سوريا ليست دولة أقليات، والحديث عن حقوق أقليات نحن معه، ولكن ليس عن امتيازات فهذا غير مسموح به، والدول تأخذ أسماءها، وصفاتها، وثقافتها ولغاتها من الأكثرية، أما الحديث عن مشكلة الأقليات فهذا قديم ومنذ القرن الثامن عشر، وكما تلاحظ بعد نشوء الدولة الوطنية الحديثة في المنطقة ومنها سوريا، من حكم سوريا لأربعة وخمسين عاماً؟ وسوريا استقلت عام ١٩٤٦ ستجد الأقلية وماذا كانت النتيجة على مختلف المستويات؟ أكثر من مليون ونصف شهيد وتهجير ١٥ مليوناً، ونصف مليون مفقود وتدمير ٧٠ بالمئة من سوريا، فضلاً عن استعانة بدول ومليشيات لقتل الشعب السوري، والعمل على التغيير العقدي والديمغرافي!.
– وعن التجربة الحالية في سوريا بعد مرور شهورعلى سقوط النظام البائد؟
التجربة الحالية، ليست مثالية قطعاً، لكنها بالمجمل جيدة، فقد انتهى الخوف، ولم يعد هناك فروع أمن تعد على المواطن أنفاسه أو تشاركه في رزقه، كذلك بدأت عودة السوريين، ولكن إلى بلدهم من بلاد الهجرة القسرية، انفتاح في العلاقات السورية عربياً ودولياً، وكذلك محاسبة المجرمين، وأظن أن ذلك يعود لتقديرات خاصة، القضاء على عدة بؤر توتر، وما زالت أنظار السوريين باتجاه المناطق التي تسيطر عليها “قسد”.13:43