الثورة أون لاين-بقلم مدير التحرير-معد عيسى
بين الجفاف ونقص السماد تراجعت أرقام التوقعات لإنتاج القمح في هذا الموسم، الأمر الذي يطرح ألف سؤال عن سبب تراجع إنتاج معمل السماد في حمص، بعد توقيع عقد استثمار مع شركة روسية لإعادة تأهيل المعمل ومضاعفة إنتاجه خلال عامين بعد ضخ 200 مليون دولار في المعمل لتطويره وتحديثه.
السماد أمن غذائي لسورية، وسورية يُمكن أن تُصدر فوسفات لعدد كبير من دول العالم لتصنيع الأسمدة، ولديها معمل سماد يُمكن أن يُنتج أكثر من 70 % من حاجتها، ويمكنها كذلك تأمين الباقي من مقايضة الفوسفات بالأسمدة مع الدول الصديقة الرائدة في هذه الصناعة مثل الصين والهند وإيران وروسيا، ولكنها رغم كلّ ذلك عجزت عن تأمين 50 % من حاجة الموسم الزراعي الشتوي الأمر الذي سينعكس سلباً على كميات الإنتاج ويحرم الدولة من تقليص فاتورة استيراد القمح وكذلك الأمر حرم الفلاح من تحقيق عائد جيد من زراعة القمح وهنا نسأل كيف تراجع إنتاج المعمل وما هو مصيره بعد انقضاء الفترة المحددة لتطوير المعمل دون إنجاز أي عمل أو ضخ أي مبلغ ؟.. ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟
أما فيما يخص الجفاف فالأمر كان من الممكن الحدّ من أثاره بري المحاصيل المزروعة ولكن توقف توريد المشتقات النفطية بسبب الحصار وتعثر الملاحة في قناة السويس حال دون ذلك ولكن لو طبقت الحكومة الإغلاق الجزئي بسبب كورونا قبل أسبوع واحد عما أعلنته لكانت وفرت المازوت لري جزء مهم من القمح المروي، ولكنها لم تفعل ولكنها تغدق العطاء في تعطيل الجهات العامة في هذه الأيام دون حساب لأثار العطلة الطويلة التي ستمتد لأسبوعين.
الحرب، العقوبات، الحصار، الإرهاب كلّها أدت الى إيصال السوريين إلى وضع صعب ولكن بعض القرارات الخاطئة في مضمونها أو توقيتها أدّت لنتائج كارثية على الجميع، كما كان لعدم اتخاذ بعض القرارات نتائج كارثية أكبر، فترك معمل السماد بهذه الحالة تتحمل مسؤوليته الجهات المعنية، وكان من الأجدى تخصيص مبلغ من القرض الروسي لتطوير المعمل بدل توريد مواد كالزيت الذي يستهلكه الناس في أيام، لأن المعمل أمن غذائي لسورية و يزيد من الإنتاج ويوفر الزيت من الإنتاج المحلي بدل الاستيراد، ولو أن المعمل لم يعط للاستثمار لكان وضعه أفضل بكثير وإنتاجه أيضاً، ولكانت أيضاً وجهة الأسمدة معروفة.
لا يستطيع أحد لديه أدنى شعور من النظر بعيون الفلاحين الذين تم حرمانهم من السماد، وهم ينظرون اليوم إلى مواسم لن تعطيهم إلا القليل وهم يعلمون أين كانت تذهب الأسمدة وبكم اشتراها البعض من السوق السوداء، وما الذي جرى لمعمل السماد في زمن لم يعد فيه للأسرار مكان؟.